تكريت: جوهرة بلاد الرافدين على ضفاف دجلة

ADVERTISEMENT

تكريت تجلس على الضفة الغربية لنهر دجلة شمال بغداد، ولها دور تاريخي وسياسي في العراق رغم صغر مساحتها. مرت المدينة بمراحل حضارية منذ العصر الآشوري، وظهرت كموقع دفاعي أساسي، ثم استقرت كبلدة دائمة في العصور الهلنستية، وسُمّيت حينها "بيرثا".

في العصر الإسلامي، أصبحت تكريت مركزًا تجاريًا وإداريًا بارزًا، ووقعها الاستراتيجي ساعدها على الصمود أمام الغزوات والنمو عمرانيًا. وصلت شمال العراق بجنوبه، واستوطنتها قبائل متداخلة، فنشأت هوية اجتماعية خاصة على مر القرون.

في القرون الوسطى، برزت تكريت كمركز مسيحي كبير، واتخذت المفريانية السريانية الأرثوذكسية منها مقرًا. شيّدت الكنيسة الخضراء في القرن السابع، واشتهرت بعمارتهم ومكتباتهم، وصارت محطة للترجمة والنقاش اللاهوتي. غير أن الغزو المغولي ثم اجتياح داعس هدم الكنيسة، فبات ترميمها حاجة ثقافية ودينية ملحة.

ADVERTISEMENT

وُلد صلاح الدين الأيوبي في المدينة سنة 1137، وهو القائد الذي حرر القدس وأنشأ الدولة الأيوبية. قضى طفولته القصيرة في تكريت، لكنها أثّرت في شخصيته. يُعتبر رمزًا قوميًا، وارتبط اسمه بالمدينة حتى سُمّيت المحافظة بـ"محافظة صلاح الدين".

في العصر الحديث، وُلد صدام حسين في قرية العوجة القريبة سنة 1937، فارتبط اسمه بتكريت أيضًا. أولى المدينة اهتمامًا استثنائيًا في عهده، فتوسّعت عمرانيًا، لكنها تحولت إلى ساحة صراع بعد 2003، وسقطت آخرًا بيد القوات الأمريكية. مع دخول داعش سنة 2014 ومجزرة سبايكر، منيت تكريت بصدمة عنيفة قبل تحريرها سنة 2015.

ADVERTISEMENT

اليوم، تسعى المدينة إلى التوفيق بين ماضيها وإرثها المتنوع، وتعمل على ترميم آثارها وتعزيز هويتها الثقافية. تكريت ليست مهد شخصيات بارزة فقط، بل مرآة لتحولات التاريخ العراقي، ودليل على إصرار أهله على الاستمرار رغم الدمار والمعاناة.

toTop