button icon
صورة الخلفيّة
button icon
بطاقات دُعاء
button icon
رمضان مبارك
button icon
بطاقة الإجابة

دراهم: المدينة البيضاء في تونس

ADVERTISEMENT

في قلب الشمال الغربي لتونس، وتحديدًا في ولاية جندوبة، تقع مدينة دراهم، التي تُعرف بلقب "المدينة البيضاء". يعود سبب هذه التسمية إلى طراز بيوتها البيضاء ذات الأسطح الحمراء المائلة، والتي تُشبه إلى حد كبير القرى الأوروبية الجبلية، لكنها تحتفظ بجمالها التونسي الأصيل.

الموقع والطبيعة

صورة من موقع pexels

تقع دراهم بين الجبال والغابات، وتحيط بها المرتفعات الخضراء التي تكتسي بالضباب في معظم فصول السنة، خاصة في الشتاء. ويصل ارتفاع المدينة إلى حوالي 1000 متر فوق سطح البحر، مما يجعلها من أبرد المناطق في تونس. في فصل الشتاء، تتساقط الثلوج على المدينة وتغطيها بطبقة بيضاء ساحرة، فتتحول إلى لوحة فنية نابضة بالسكينة والجمال، ولهذا السبب أيضًا تُعرف بـ "المدينة البيضاء".

تتميز المدينة بجوها النقي، وهدوئها الطبيعي، وتنوع مناظرها الخلابة التي تجمع بين الجبال، الغابات، الينابيع، والهواء العليل، ما يجعلها ملاذًا للهاربين من ضجيج المدن. كما تحتوي المدينة على عدد من العيون الطبيعية مثل عين دراهم التي تنبع من قلب الجبال، وتُعد مصدرًا أساسيًا للمياه العذبة في المنطقة. وتمتد الغابات المحيطة بالمدينة لمسافات طويلة، وتضم أنواعًا نادرة من النباتات والأشجار، مثل الزان والصنوبر، ما يجعلها مكانًا مثاليًا لعشّاق التنوع البيئي.

ADVERTISEMENT

تاريخ دراهم

تاريخ مدينة دراهم طويل ومتنوع، فقد كانت محطة مهمة خلال فترة الاستعمار الفرنسي، حيث أقام الفرنسيون فيها مساكن واستراحات، وبنوا طرقًا ما زالت مستخدمة حتى اليوم. وتظهر بعض الطرازات الفرنسية في المباني القديمة، مما يضيف لمسة تاريخية أوروبية على الطابع التونسي المحلي.

تُعد دراهم أيضًا من المناطق التي شهدت مقاومة وطنية ضد الاستعمار، وقد لعب أهلها دورًا مهمًا في الحركات الوطنية، ويُفتخر بها اليوم كرمز من رموز الصمود والتاريخ. ولا تزال بعض القصص تُروى من جيل إلى آخر عن شجاعة المقاومين وتضحياتهم، لتبقى المدينة رمزًا للفخر الوطني. وتشهد المدينة اليوم حضورًا لعدد من المعالم التاريخية مثل بيوت الضباط الفرنسيين القدامى وبعض الحصون القديمة التي باتت وجهات سياحية وتوثق لذاكرة المدينة.

صورة من موقع pexels

ماذا يمكن أن تفعل في دراهم؟

التنزه في الطبيعة: يمكنك التجوّل في الغابات الكثيفة المحيطة بالمدينة، ومشاهدة الأشجار العملاقة مثل البلوط والكافور، أو القيام بجولات مشي طويلة في المسارات الجبلية.

التصوير: بسبب جمال الطبيعة وتناسق الألوان، تعتبر دراهم جنة لعشّاق التصوير الفوتوغرافي. الضباب في الصباح يعطي الصور إحساسًا بالهدوء والصفاء.

ADVERTISEMENT

الاسترخاء: المدينة مثالية للهروب من الضغط اليومي. فنادقها الصغيرة ودُورها الريفية توفر بيئة دافئة ومريحة، خاصة عند الجلوس بجوار المدفأة في ليالي الشتاء.

التذوق المحلي: يمكن تذوق أكلات تقليدية مثل الكسكسي التونسي، والطاجين، والخبز المحلّي المصنوع على الفحم. المذاق الشعبي الأصيل لا يُقاوم.

زيارة الأسواق والحرفيين: تشتهر دراهم بصناعة النسيج التقليدي والمطرزات اليدوية، بالإضافة إلى السلال المصنوعة من القصب، وهي هدايا مثالية لمن يحب الأشياء اليدوية.

ركوب الخيل أو الدراجات الجبلية: لمحبي المغامرات، هناك مسارات مخصصة لركوب الخيل أو الدراجة، حيث يمكن استكشاف التضاريس الجبلية والقرى المحيطة.

دراهم في كل فصل

الشتاء: تغمرها الثلوج وتصبح وجهة ساحرة للتزلج والمشي في الأجواء الباردة.

الربيع: تتفتح الزهور وتصبح المدينة لوحة مفعمة بالألوان والروائح الزكية.

الصيف: رغم الحرارة في باقي تونس، تبقى دراهم باردة ومناسبة للهروب من الشمس.

الخريف: الأوراق المتساقطة تضيف جوًا شاعريًا مثاليًا لمحبي التأمل.

الثقافة والناس

أهالي دراهم يتميزون بالكرم والبساطة. حياتهم هادئة، وهم يعتزون كثيرًا بتراثهم وتقاليدهم. وتجد في المهرجانات المحلية عروضًا فلكلورية وموسيقية تعبّر عن روح المنطقة.

ADVERTISEMENT

الزيّ التقليدي لا يزال يُرتدى في المناسبات، ويهتم السكان بالحفاظ على لهجتهم الخاصة ونمط عيشهم القروي الأصيل. كما أنهم يعتنون كثيرًا بالزراعة وتربية الحيوانات، مما يجعل المدينة ذات طابع ريفي ساحر.

في المناسبات الدينية والوطنية، يتجمع الأهالي في الساحات والأسواق ليحتفلوا بالأغاني الشعبية والأطباق التقليدية، وتُعد هذه اللقاءات فرصة للتواصل والتلاحم بين أفراد المجتمع. ويتميز الأطفال هناك بمشاركتهم الفعّالة في الفعاليات التراثية، حيث يرتدون الأزياء التقليدية ويقدمون رقصات شعبية جميلة.

نصائح للزيارة

يُفضل زيارة المدينة في الشتاء أو الربيع للاستمتاع بأجوائها الطبيعية الفريدة.

لا تنسَ حمل ملابس دافئة حتى في الصيف، لأن الطقس قد يكون باردًا في المساء.

خذ كاميرتك معك، لأنك ستجد عشرات الزوايا التي تستحق التصوير.

احرص على تجربة المأكولات المحلية.

تحدث مع الأهالي، فهم ودودون وسيحكون لك قصصًا ممتعة عن تاريخ مدينتهم.

مشاريع سياحية مستقبلية

بدأت الحكومة التونسية والجهات السياحية بالاهتمام بمدينة دراهم كموقع سياحي بيئي واعد. وظهرت مشاريع لإعادة ترميم بعض البيوت القديمة وتحويلها إلى نُزل سياحية، بالإضافة إلى تنظيم مهرجانات سنوية للترويج للمنطقة.

ADVERTISEMENT

من ضمن هذه المشاريع، إنشاء مسارات بيئية مجهزة ومراكز إرشاد سياحي تساعد الزوار على استكشاف الغابات والجبال بأمان. كما يجري العمل على تحسين البنية التحتية من طرقات وخدمات فندقية لزيادة جذب السياح المحليين والأجانب. وتُبذل جهود لتعزيز السياحة المستدامة من خلال إشراك المجتمع المحلي في إدارة المشاريع، مما يعزز فرص العمل ويحافظ على الطابع الثقافي والبيئي للمنطقة.

يأمل سكان دراهم أن تُصبح مدينتهم أحد أهم وجهات السياحة البيئية في تونس، لما تحمله من مقومات طبيعية وتاريخية، دون أن تفقد طابعها الهادئ والبسيط.

دراهم ليست فقط مدينة ذات طقس بارد وجبال خضراء، بل هي قطعة من الجمال التونسي الأصيل، مدينة تروي قصصًا عن الطبيعة، التاريخ، والناس الطيبين. زيارتها تجربة لا تُنسى، فهي تمنحك لحظات هدوء وتأمل، وطاقة جديدة مستمدة من الهواء النقي والمناظر الخلابة.

إذا كنت من محبي السفر المختلف، فدراهم تستحق أن تكون على قائمة وجهاتك القادمة. وربما، بعد زيارتك، تعود وأنت تحنُّ لدفء بيوتها البيضاء وسط البرد.

المزيد من المقالات