فنانون سوريون يستكشفون مواضيع الغفران في معرض دمشقي

ADVERTISEMENT

وسط الأعمدة الخرسانية والسلالم غير المكتملة في مبنى "وردة مسار" بدمشق، ينبض معرض "مسار" بروح تأملية هادئة، من دون أسئلة مباشرة أو أجوبة. المعرض، برعاية مؤسسة مداد للفنون، يجمع 29 فناناً سورياً عرضوا تجاربهم الشخصية في أعمال تركيبية تتناول الغفران، التحول، والحزن، بلغة فنية تُعبّر عن واقع نفسي وجمعي متشابك.

اختيار موقع المعرض - مبنى غير مكتمل صُمم على شكل وردة دمشقية - جاء كرمز للفرص التي أُرجئت. توقف البناء بسبب الحرب لكنه يستضيف اليوم أعمالاً تحمل الذاكرة والتمزق والأمل. تتحول الفوضى العمرانية إلى جزء من الرسالة الفنية، حيث تتفاعل العناصر الطبيعية مع القطع المعروضة في فضاء مفتوح، فيعكس ذلك هشاشة المشاعر وحالة اللايقين.

ADVERTISEMENT

تتنوع مواد وتقنيات الأعمال، فمثلاً، يستخدم إياد ديوب شبكة أسلاك في عمله "عبور" ليعكس التوتر بين الانتماء والألم، بينما تقدم لمياء سعيدة لوحات تجريدية مغطاة بألوان حمراء قاتمة معلقة بسلاسل، تجسد الصدمة كحالة مستمرة.

رالا طرابيشي تعكس في "تضمين" تفاوت تجربة الشفاء، عبر أكثر من 300 سيف راتنجي مزروع في الأرض. يتكرر صوت ارتطام المعادن بإيقاع الذاكرة التي لا تهدأ. أعمالٌ أخرى مثل "انقضاء" لجودي شخاشيرو و"تراكم" لدلع جالانبو، تستكشف ثقل الفقد والعلاقات المتصدعة. وعلى النقيض، يقدّم أنور الأخضر عملاً شفافاً يحمل جنيناً داخل كرة زجاجية، كتجسيد لفكرة التسامح مع النفس.

ADVERTISEMENT

مؤسسة مداد للفنون، التي أُعيد فتحها بعد محاولة استيلاء مسلح، ترمز لإصرار الثقافة على البقاء. معرض "مسار" ليس مجرد حدث فني، بل تصرّف مقاوم، حيث يصبح الغفران سياقاً وجودياً يتحدى النسيان والسكوت. إعادة الافتتاح ليست استعادة لمكان، بل فعل خيال وتمسك بالهوية.

ويختتم المعرض ببيان يعكس صمود المؤسسة والفنانين: "نحن هنا، وما زلنا هنا، ونحن من هنا". يهمس هذا التصريح بالاستمرارية في وجه الندوب. "مسار" لا يقدم الحلول، بل يؤكد على الحق في البقاء والذاكرة.

toTop