button icon
صورة الخلفيّة
button icon
بطاقات دُعاء
button icon
رمضان مبارك
button icon
بطاقة الإجابة

كشف أسرار كونية: تقاطع الحضارة المصرية القديمة والفيزياء الفلكية الحديثة

ADVERTISEMENT

لا تزال مصر القديمة، المشهورة بهندستها المعمارية الضخمة، وممارساتها الجنائزية المُعقّدة، ومعتقداتها الكونية العميقة، تأسر الباحثين والمهتمين على حد سواء. وقد كشفت الأبحاث الحديثة متعددة التخصصات عن أدلة دامغة تشير إلى أن المصريين القدماء ربما صوّروا مجرة درب التبانة في فنونهم الجنائزية، وخاصةً على التوابيت. ألقى تحليل عالم الفيزياء الفلكية الدكتور أور غراور (Or Graur) لصور التوابيت في مصر القديمة الضوء على احتمال كبير أن يكون المصريون القدماء قد مثّلوا مجرة درب التبانة، مقدماً رؤى جديدة حول الفهم المتطوِّر للكون لدى المصريين القدماء، وحول اهتمامهم بالفلك والنجوم والكواكب وسبر بعض أسرارها.

الصورة على pixabay

اللباس المصري القديم.

الصورة بواسطة Rachel Claire على pexels

الرسم والصور في الحضارة المصرية القديمة

ADVERTISEMENT

1. لمحة تاريخية عن الحضارة المصرية القديمة.

ظهرت الحضارة المصرية القديمة حوالي عام 3100 قبل الميلاد، وازدهرت على ضفاف نهر النيل، وطوّرت مجتمعاً معقداً اتسم بالتقدم في الكتابة والزراعة والحكم. تُقسّم الحضارة تقليدياً إلى عصور: المملكة القديمة (حوالي 2686-2181 قبل الميلاد)، والمملكة الوسطى (حوالي 2055-1650 قبل الميلاد)، والمملكة الحديثة (حوالي 1550-1070 قبل الميلاد)، وقد تميّزت كل منها بتطورات مهمة في الفن والعمارة والممارسات الدينية. سهّل الاستقرار الذي وفره فيضان النيل السنوي ازدهار الزراعة، مما أتاح بناء هياكل ضخمة وازدهار الممارسات الثقافية. من جانب آخر، توحّدت مناطق حوض النيل، مما أدّى إلى رسم حدود الدولة المصرية دون تغيير تقريباً منذ آلاف السنين وحتى الزمن الحاضر. وربما يُميّز ذلك الدولة المصرية عن الكثير من الدول حديثة العهد.

ADVERTISEMENT

2. المساهمات المعمارية لمصر القديمة.

تتمثل العمارة المصرية القديمة في هياكلها الضخمة، بما في ذلك المعابد والمقابر والأهرامات. وتشهد أهرامات الجيزة، وخاصة هرم خوفو الأكبر، على البراعة المعمارية والقدرات التنظيمية للمصريين القدماء. لم تكن هذه الهياكل مجرد إنجازات هندسية فحسب، بل كانت لها أيضاً أهمية دينية، حيث كانت بمثابة قنوات بين العالم الأرضي والروحاني. غالباً ما عكس اتجاه هذه المباني وتصميمها محاذاة سماوية، مما يؤكد على دمج علم الكونيات في الممارسات المعمارية. لقد كانت هذه الصروح المعمارية الضخمة بمثابة مشاريع وطنية كبرى وفّرت الممالك المصرية القديمة من أجل إنجازها الخبرات الهندسية واليد العاملة والتنظيم والإدارة وإضفاء السمة الوطنية عليها.

الصورة على pexels

المعابد المصرية القديمة.

3. الممارسات الجنائزية والمعتقدات المتعلقة بالفناء.

ADVERTISEMENT

كان الإيمان بالحياة الآخرة ركناً أساسياً في الثقافة المصرية القديمة، مما أدى إلى ممارسات جنائزية مُتقَنة تهدف إلى ضمان حياة آمنة وهانئة بعد الموت. كان التحنيط، وبناء المقابر، وإدراج السلع الجنائزية من الممارسات الشائعة التي كانت تهدف إلى تزويد المتوفى بكل ما كان يرتبط به في حياته الدنيوية، وإلى تمكينه من الولوج إلى الحياة الآخرة مع كل ما يمكن أن يحتاجه. من جهة أخرى، زودت نصوص مثل "نصوص الأهرام" و"نصوص التوابيت" و"كتاب الموتى" المتوفى بتعاويذ وإرشادات لاجتياز الحياة الآخرة، مما يعكس اهتماماً عميقاً بالفناء ورحلة الحياة الآخرة.

4: هندسة المقابر والتوابيت في مصر القديمة.

يوضح تطور هندسة المقابر، من قبور على شكل حفر بسيطة إلى مصاطب وأهرامات مُتقَنة، التطوّر والتعقيد المتزايد للعادات الجنائزية. من جانب آخر، تطورت التوابيت من صناديق خشبية بسيطة إلى توابيت مزخرفة بدقة، ومزينة بنقوش وصور. وغالباً ما تضمنت هذه الزخارف صوراً للآلهة، ورموزاً كونية، ونصوصاً تهدف إلى حماية المتوفى وتوجيهه في حياته الأخرى. ولعلّ ما يثير الدهشة، وجود الرسومات والتمثيلات الكونية والفلكية على التوابيت في مصر القديمة. ومن المُرجّح أن يشير دمج الزخارف الفلكية في فن التوابيت إلى فهمٍ متطورٍ للكون وتأثيره المُتصوَّر على الحياة الآخرة.

ADVERTISEMENT
الصورة على pexels

الأهرامات في الجيزة- مصر. Amr Saleh

5. رؤى فيزيائية فلكية في صور التوابيت في مصر القديمة.

أدخلت دراسة الدكتور أور غراور الأخيرة منظوراً جديداً لتفسير صور التوابيت. ومن خلال تحليل 125 رسماً لإلهة السماء نوت (Nut) على التوابيت والمقابر، حدّد الدكتور غراور زخارف مُتكرّرة: منحنى أسود سميك ومتموج يخترق جسد الإله نوت المُرصَّع بالنجوم. ومن المُثير للانتباه أن هذه السمة تُشبه بشكلٍ لافت الصدع العظيم في مجرة درب التبانة، وهو شريط مظلم من الغبار النجمي يُمكن رؤيته في سماء الليل. تُشير نتائج غراور إلى أن المصريين القدماء ربما مثّلوا درب التبانة بصرياً في فنهم الجنائزي، رابطين معتقداتهم الكونية بالظواهر السماوية المُلاحَظة.

الصورة بواسطة AXP Photography على pexels

الجداريات في مصر القديمة

ADVERTISEMENT

6: تداعيات الاكتشاف على الأبحاث المستقبلية.

يفتح تقاطع الفيزياء الفلكية وعلم المصريات آفاقاً جديدة لفهم علم الكونيات المصري القديم. قد تركز الأبحاث المستقبلية على إجراء مسوحات شاملة لصور التوابيت والمقابر لتحديد تمثيلات فلكية إضافية. وسيكون للتطورات في تكنولوجيا التصوير والتعاون متعدد التخصصات دور حاسم في كشف المزيد من الروابط بين الفن القديم والرصد السماوي. لا تُثري هذه الدراسات فهم المعتقدات المصرية القديمة فحسب، بل تُبرز أيضاً مساهمات الحضارة المصرية القديمة في المعرفة الفلكية المُبكّرة.

الخلاصة.

يُبرز التصوير المُحتمل لمجرة درب التبانة في فن التوابيت المصرية القديمة المزيج المُعقّد للحضارة المصرية القديمة بين الدين والفن وعلم الفلك. يُجسّد نهج الدكتور أور غراور متعدد التخصصات كيف يُمكن للأساليب العلمية الحديثة أن تُلقي الضوء على التفسيرات التاريخية، كاشفةً عن عمق انخراط المصريين القدماء في الكون. ومع استمرار البحث في سد الفجوة بين المعتقدات القديمة والعلم المعاصر، يتعمق التقدير والإعجاب في رقي الحضارة المصرية القديمة، مما يُلهم الاستكشاف المستمر لشغف البشرية الدائم بالنجوم والفلك والكون والسعي المستمر لكشف أسرارها.

toTop