يبدو أن فيزياء الكون مُهيأة للحياة. لماذا؟

ADVERTISEMENT

يطرح عدد من العلماء والفلاسفة مسألة «الضبط الدقيق» للكون؛ أي أن ثوابت الطبيعة مثل كتلة الإلكترون وشدة الجاذبية تبدو محدَّدة بما يكفي ليسمح بالحياة. بمجرد طرح الفكرة، تبرز ثلاثة تفسيرات رئيسية: الصدفة، وجود موجِّه دقيق، أو تعدد الأكوان.

الاحتمال الأول يفترض أن ما نراه نتيجة طبيعية لأننا موجودون نقيس الثوابت، دون سبب يدفعنا للتساؤل عن سبب كونها على هذا النحو. أما الاحتمال الثاني فيستند إلى فكرة مهندس كوني أو قوة واعية هيأت الكون للحياة. لا يمكن اختبار هذا الطرح علمياً، فيصبح غير مفيد من منظور علمي حتى لو كان مريحاً نفسياً لبعض الناس.

ADVERTISEMENT

الاحتمال الثالث، الذي يتبناه كثير من الفيزيائيين، هو تعدد الأكوان. وفقاً له، توجد أكوان عديدة بفيزياء مختلفة، وكوننا واحد منها وفرت فيه ظروف الحياة. يستند هذا التصور غالباً إلى نماذج تضخمية مثل «نظرية التضخم الكوني»، وتفترض أن التضخم أنتج أكواناً متعددة لحظة نشأة الكون. المشكلة أن تلك الأكوان، إن وُجدت، تقع خارج نطاق الرصد، فيصبح التحقق منها شبه مستحيل.

يشير بعض العلماء إلى أن الضبط الدقيق ربما لا يشكّل مشكلة أصلاً. الثوابت الطبيعية ليست سوى قيم مقاسة تُدرج في النماذج لتمثيل الواقع، وليس من الضروري أن تُستخرج من مبادئ أولية. في نظرية الأوتار مثلاً تبدأ من قيم افتراضية مثل توتر الوتر، ولا يمكن تفسيرها بلا افتراضات مسبقة. أي نموذج للكون يحتاج نقطة انطلاق لا يبررها من داخله.

ADVERTISEMENT

ختاماً، محاولات تفسير وجود الحياة بمفاهيم مثل التهيئة الدقيقة أو الأكوان المتعددة تبدو كمنح الفيزياء بعداً «لاهوتياً» أكثر من كونها تفسيرات علمية يمكن اختبارها. تبقى تلك الطروحات، رغم جاذبيتها الفكرية، خارج إطار الفيزياء كما نعرفها اليوم.

toTop