لماذا يستغرق الأمر قرنًا من الزمن لتحديد سرعة الكون؟

بعد أكثر من قرن على اكتشاف إدوين هابل لتمدد الكون، يواجه العلماء تحديًا حاسمًا يتمثّل في تحديد سرعة التمدد بدقة، والمعروفة باسم "ثابت هابل". الثابت يُعد مكونًا أساسيًا في فهم عمر الكون وبنيته ومصيره، إلا أن الطرق المختلفة لحسابه تُنتج نتائج متباينة تُعرف باسم "توتر هابل".

في عشرينيات القرن الماضي، لاحظ هابل أن المجرات تبتعد عن الأرض بسرعة تتناسب مع بعدها، وهو ما شكّل أساس معرفتنا الحالية حول تمدد الكون. ورغم تطور أدوات الرصد بشكل هائل، من التلسكوبات البصرية إلى الأقمار الصناعية والنجوم القيفاوية، تستمر الفجوة بين الطرق المختلفة في حساب ثابت هابل.

يعتمد العلماء على طريقتين أساسيتين لقياس ثابت هابل: القياسات المحلية وتحليل الخلفية الكونية الميكروية. تجمع الطريقة الأولى بيانات من أجرام سماوية مثل النجوم القيفاوية والمستعرات العظمى، وتُستخدم في مشروع SH0ES بقيادة آدم ريس، وتُقدّر ثابت هابل بـ73 كم/ث/ميغا فرسخ فلكي. في المقابل، تستخدم الطريقة الثانية بيانات من قمر بلانك لتحليل الخلفية الكونية، وتُقدّر ثابت هابل بـ67.4 كم/ث/ميغا فرسخ فلكي.

التباين الجوهري أثار تساؤلات حول احتمال وجود فيزياء جديدة تتجاوز النموذج القياسي. من بين النظريات المطروحة: تأثير الطاقة المظلمة المبكرة، أو وجود جسيمات غير مكتشفة مثل النيوترينوات الغامضة، أو حتى تعديل نظريات الجاذبية الحالية.

في ضوء التحدي، تدخل العلوم الفلكية مرحلة جديدة من الابتكار. يعمل تلسكوب جيمس ويب على تحسين معايرة القياسات القيفاوية، بينما يسعى مرصد فيرا روبين ومهمة إقليدس وتلسكوب نانسي رومان لاستكشاف الطاقة المظلمة والبنية الكونية بدقة غير مسبوقة. إلى جانب ذلك، يُبشّر فلك الموجات الثقالية بإمكانية قياس تمدد الكون بطرق مستقلة تمامًا من خلال "صافرات الإنذار القياسية" الناتجة عن اندماج النجوم النيوترونية.

مع كل قياس جديد، يقترب العلماء من حل لغز ثابت هابل أو فتح آفاق جديدة قد تُعيد تشكيل فهمنا للكون.