الترموديناميك: من الأسس إلى حل لغز عمره ١٢٠ عاماً

ADVERTISEMENT

الترموديناميك هو علم يدرس كيف تنتقل الطاقة وكيف تتحول داخل المادة. بدأت أفكاره بالتبلور في القرن التاسع عشر عندما احتاج الناس إلى فهم كيف تعمل المحركات الحرارية واستخداماتها في المصانع. قدّم سادي كارنو أول نموذج نظري يشرح كفاءة المحركات، ثم أظهر جيمس جول أن الحرارة والعمل وجهان لعملة واحدة، فوضعا معاً الأساس للقانونين الأول والثاني. لاحقاً، أضاف نيرنست قانوناً ثالثاً يصف سلوك الإنتروبيا عندما تقترب درجة الحرارة من الصفر المطلق، وهو ما أثار نقاشاً استمر عشرات السنين حول سبب صحته المنطقي.

يضم علم الترموديناميك أربعة قوانين أساسية: القانون الصفري الذي يحدد معنى درجة الحرارة، والأول الذي يقول إن الطاقة لا تفنى (ΔU = Q - W)، والثاني الذي يحدد اتجاه تدفق الحرارة ويزيد الإنتروبيا، والثالث الذي ينص على أن الإنتروبيا تقترب من الصفر عند درجة حرارة الصفر المطلق.

ADVERTISEMENT

يشكّل الترموديناميك جزءاً أساسياً من توليد الكهرباء، ووسائل النقل، وآلات التبريد، ومصانع الكيماويات، ويؤثر في يومياتنا من خلال أجهزة التدفئة المنزلية وثلاجات الحفظ. يتعدى استخدامه مجال الطاقة ليشمل الإلكترونيات، الطب، صواريخ الفضاء والحواسيب الكمومية حيث تتحكم درجة الحرارة في أداء الجهاز. تتجاوز قيمة الأسواق المرتبطة به مئات المليارات من الدولارات، خاصة في مكيفات الهواء، التبريد العميق، وإدارة حرارة البطاريات.

أبرز المسائل التي واجهت الترموديناميك كانت "شيطان ماكسويل" ومفارقة لوشميدت وآلات الحركة الدائمة، وأثبت العلم استحالة كل منها حسابياً ومنطقياً. أما الجدل الأكبر فدار حول إمكانية استنتاج القانون الثالث من الثاني. في عام 2025، قدّم الفيزيائي مارتن-أولالا من جامعة إشبيلية حلاً جذرياً بمحرك افتراضي يُظهر أن خرق القانون الثالث يؤدي إلى خرق الثاني، ما يعني أن نظرية نيرنست ناتجة فعلاً عن القانون الثاني.

ADVERTISEMENT

يُنهي هذا الاكتشاف نقاشاً عمره قرون، ويُعيد تصنيف القانون الثالث من مبدأ مستقل إلى نتيجة تابعة، ويُعزز فهم الترموديناميك نظرياً وتطبيقياً، مما يؤثر في طريقة تدريس المادة وفي تطوير تقنيات مستقبلية توفر طاقة وتتحكم بالحرارة بكفاءة.

toTop