كبسولة مرّاكش الزمنية - ساحة المسجد المهجور

ADVERTISEMENT

تقف مدينة مراكش كمثال حي على التراث المغربي الغني، حيث يُعدّ جامع الفنا مركزًا نابضًا للثقافة الشعبية. الفضاء المفتوح في قلب المدينة ليس مجرد ساحة أو سوق، بل مسرح حي يعكس هوية المغرب المتنوعة عبر الزمن. خلال النهار، تعج الساحة بالتجار والعروض والعطور، بينما تتحوّل في المساء إلى عالم من السحر البصري والحسي، حيث تتناغم أصوات رواة القصص مع أضواء الفوانيس وروائح الأطعمة الشعبية مثل الكباب والحريرة.

تشكل الحكواتية جزءًا محوريًا من ساحة جامع الفنا، حيث يجذب رواة القصص الجمهور باستخدام أصواتهم وتعابيرهم الحركية، ويغزلون حكايات مستمدة من التراث العربي والأمازيغي والأندلسي. تتنوع قصصهم بين الحكايات الشعبية والحكم الأخلاقية، وتُعدّ مرآة للواقع الاجتماعي والثقافي المغربي. ومع أنّ رواة القصص يتكيفون مع السياق المعاصر، يواجه الفن خطر الانقراض مع تراجع الاهتمام به أمام وسائل الترفيه الحديثة.

ADVERTISEMENT

يلعب مسجد الكتبية القريب، المعلم التاريخي الذي يعود إلى القرن 12، دورًا في تكريس الجو الروحي المحيط بالمكان، إذ يضيف حضوره صبغة من التأمل على أنشطة الساحة. ومع أذان المغرب تنبعث حالة من الخشوع تُهدّئ الزحام وتمنح الروايات طابعًا مميزًا.

بعد أن كان عدد الحكواتية في جامع الفنا يتجاوز الثلاثين، لم يتبقَ سوى سبعة، جميعهم في أعمار متقدمة. لكن تبذل جهود ملموسة للحفاظ على الفن؛ تنظم المهرجانات وورش العمل بمساعدة اليونسكو، وتحرص الجمعيات الثقافية والمقاهي على تدريب جيل جديد من رواة القصص، يجمعون بين الأصالة والتقنيات المعاصرة.

ADVERTISEMENT

زيارة جامع الفنا ليست مجرد تجربة سياحية، بل رحلة حسية في قلب التاريخ المغربي، حيث تظل القصص حية، تنقل عبق المدينة من جيل إلى آخر.

toTop