القمر يبتعد عن الأرض.. هل سيصبح يومنا 25 ساعة؟

تشكل الأرض والقمر وحدة حركة تغيّرت على مدى مليارات السنين. أبرز ما يظهر في هذه العلاقة هو أن القمر يزحزح تدريجيًا عن الأرض، ويؤثر ذلك على عدد ساعات اليوم. لفهم كيف يحدث ذلك نعود إلى نحو 4.5 مليار سنة، حينما اصطدم جرم بحجم المريخ بالأرض، فتشكل القمر من بقايا الاصطدام. كان القمر آنذاك على مسافة قصيرة جدًا من الأرض، فنشأت قوة جذب شديدة وبدأت ظاهرة «القفل المدي».

تؤدي قوى المد والجزر التي تولدها جاذبية القمر إلى إبطاء دوران الأرض. أثناء دوران الأرض تسحب الانتفاخة المدية قليلًا إلى الأمام، فتنشأ قوة تدفع القمر سنويًا إلى مسافة أعلى بمقدار 3.8 سم. في المقابل تفقد الأرض جزءًا من طاقة دورانها، فيزداد طول اليوم بمقدار 1.7 ألف جزء من الثانية كل قرن.

أحفورة المرجان وغيرها من الدلائل الجيولوجية تُظهر أن الأرض كانت تدور بسرعة أكبر في الماضي. عدّ الحلقات اليومية في شعب مرجانية قديمة كشف أن السنة قبل 400 مليون عام احتوت على نحو 400 يوم، أي أن اليوم كان أقصر بثلاث ساعات مما هو عليه اليوم. كما تحفظ طبقات الرواسب المدية تتابعًا إضافيًا يؤكد هذا التباطؤ المستمر.

يُرجح استمرار هذا المسار حتى يبلغ طول اليوم نحو 25 ساعة بعد 200 مليون سنة. وبمزيد من ابتعاد القمر تخفت قوى المد والجزر على سطح الأرض. يُتصور أن الكوكبين سيوصلان في زمن بعيد إلى حالة توازن مدّي، حيث يظهر وجه واحد من الأرض للقمر دائمًا، على غرار ما يفعل القمر حيال الأرض حاليًا. غير أن تغيرات فلكية مثل تضخم الشمس قد تعيق حدوث ذلك.

إطالة اليوم الأرضي يمس النظم البيئية ويُحدث تبديلات في الطقس. ازدياد فترات النهار والليل يؤدي إلى تباين حراري حاد، فيتأثر النبات والحيوان والمناخ. وقد ساعد هذا التغير الزمني عبر العصور الجيولوجية على تطور الحياة وتعقيدها. قصة ابتعاد القمر ليست مجرد مسألة فيزياء فلكية، بل صورة للترابط الوثيق بين الظواهر الكونية والحياة على كوكبنا.