الذي يحدد ما إذا كانت الرائحة طيّبة أم سيئة؟

ADVERTISEMENT

الأنف البشري يفرّق آلاف الروائح بفضل ملايين الخلايا الحسية التي تلتقط جزيئات الرائحة وتُرسل إشاراتها إلى الدماغ. مثلاً، حين نشم رائحة بسكويت في الفرن، يجمع الدماغ المعلومات من الجزيئات ليحدد مصدرها. استجابتنا للروائح تختلف حسب الجينات والتجارب السابقة؛ فهي تُحدد نوعية وعدد مستقبلات الرائحة، ولذلك يشمّ بعض الناس رائحة الكزبرة بوضوح أكبر من غيرهم. الذكريات الشخصية تُشكّل التفضيلات الشمية؛ فرائحة مكان تتحول إلى كريهة إذا ارتبطت بموقف مؤلم.

الدماغ يُقيّم الروائح عبر دارة المكافأة التي تعتمد على ناقلات عصبية مثل الدوبامين. حين نشم رائحة ممتعة، يُفرز الدوبامين، فيُعزز الارتباط بين الرائحة والتجربة الممتعة، مثل رائحة كعكة الشوكولاتة في عيد ميلاد. الروائح ترتبط بمراكز المشاعر كالجسم اللوزي، فتتأثر استجابتنا بالفرح أو الاشمئزاز، وتتكوّن روابط عاطفية تُوجّه سلوكنا.

ADVERTISEMENT

"الذكريات الشمية" تُظهر قدرة الدماغ على ربط رائحة معينة بتجربة سارة أو سيئة. حين نشم طعاماً مفضلاً، نتذكر أشخاصاً أو لحظات خاصة. أمّا تجربة مرض سببها طعام فاسد، فتجعلنا نكره رائحته لاحقاً، حتى لو لم يعد ضاراً.

الغريزة تُساعدنا على تمييز الروائح من دون تجربة سابقة. روائح كرائحة الدم أو البيض الفاسد تنفرنا فطرياً لأنها تدل على خطر أو تلوث. الحيوانات المفترسة تنجذب إلى تلك الروائح نفسها. الغريزة هنا آلية دفاع تطوّرت لحمايتنا من الخطر.

تفضيل الروائح يبدأ من الولادة؛ فالرضيع ينفر فطرياً من مركّبات الكبريت التي تدل على العفن أو السمية. مع التقدم في العمر، تتغير استجابتنا حسب السياق. رائحة البيض الفاسد تبقى منفرة، بينما تُقبَل رائحة الثوم بعد التكرار والتجربة. روائح مثل الفانيليا والموز تُعجب الأطفال، لكن التجربة الشخصية تُعيد تصنيفها لاحقاً.

toTop