فنجان قهوة: طعم وتقاليد القهوة السعودية

ADVERTISEMENT

يزدهر البن السعودي في مدرجات جبال السروات، تحديدًا في جازان جنوب غرب المملكة، حيث يوفر المناخ المعتدل والتربة الغنية، إلى جانب الممارسات التي نقلها الآباء للأبناء، بيئة نمو مثالية. رغم صورة الصحراء الشائعة عن السعودية، فإن سفوح جازان الخضراء تضم ما يُسمى "الذهب الأخضر"، أي حبوب البن الخولاني التابعة لسلالة أرابيكا المرغوبة.

تضم جازان والباحة وعسير الآن أكثر من 2500 مزرعة؛ جازان وحدها تضم 340 ألف شجرة تطرح 340 طنًا سنويًا، لتتصدر الإنتاج المحلي. القهوة السعودية لا تزال غائبة عن الخرائط العالمية، لكن الإقبال المحلي عليها كبير. تشكل هذه القهوة امتدادًا لتقاليد عمرها قرون، تعكس هوية المملكة، وقد أدرجتها اليونسكو على قائمة التراث الثقافي غير المادي.

ADVERTISEMENT

يُرجح المؤرخون أن موطن القهوة الأصلي إثيوبيا، حيث تروي حكاية الراعي كالدي اكتشافه التأثير المنبه للحبوب. أرابيكا، أرقى الأنواع، تنمو بريًا في منطقة كافا الإثيوبية. العرب أول من أدرك قيمتها، فدجّن النبتة وزرعها في أجواء مشابهة على جبال السروات. انطلاقًا من ميناء الموكا اليمني، أصبحت القهوة سلعة عالمية خاضعة لرقابة مشددة تمنع نقل البذور خارج شبه الجزيرة؛ مع ذلك، حمل الحجاج البذور إلى بقاع بعيدة.

في القرن السابع عشر وصلت البن إلى الهند، فانتهى احتكار الجزيرة العربة. تبع ذلك توسع مزارع الأرابيكا في آسيا وأمريكا اللاتينية. أما السعودية فحافظت على نمط إنتاج تقليدي مخصص للسوق المحلية، في بلد يتصدر نصيب الفرد من استهلااك القهوة عالميًا. تسعى الدولة حاليًا إلى تطوير سلسلة إنتاج الخولاني عبر دعم المزارعين وترويج القهوة كرمز وطني وصادرات مميزة. يهدف المشروع لرفع دخل الأسر الريفية وإعادة إحياء الزراعة بإشراك الشباب في كل مراحل العمل. لا تزال الزراعة موسمية ويدوية في معظمها، لكن الاستثمار والتقنيات الحديثة تدفع بالخولاني نحو الأسواق العالمية لتتبوأ مكانة ضمن أفاخر أنواع البن المتخصصة.

toTop