هل نعيش في أكثر العصور سلمية في التاريخ؟

ADVERTISEMENT

عبر التاريخ المسجل، سعى البشر إلى السلام والطمأنينة، لكن الواقع يُظهر أن الهدف لم يتحقق بشكل دائم. في أوروبا الغربية، يعيش الناس اليوم في فترة هادئة نسبياً، إذ لم تشهد المنطقة حروباً كبيرة منذ عقود. مع ذلك، تبقى مناطق واسعة من العالم في حالة توتر. شهدت إفريقيا حروباً متواصلة في ليبيا والسودان وإثيوبيا، بالإضافة إلى تمردات محلية وإسلامية، كما أدى الربيع العربي إلى حروب أهلية في سوريا والعراق واليمن. استمر الاضطراب في أفغانستان بعد عودة طالبان للحكم، وتصاعد التوتر بين إسرائيل وفلسطين، وعادت المواجهات العسكرية إلى أوروبا مع غزو روسيا لأوكرانيا. ورغم فترة هدوء قصيرة بعد الحرب الباردة، عاد العالم إلى مستويات عنف قريبة من تلك التي شهدها التاريخ.

ADVERTISEMENT

عند مناقشة معدلات الجريمة، تكون البيانات عن العصور الوسطى محدودة، ما يصعّب المقارنة الدقيقة. مع ذلك، يبدو أن الجريمة في أوروبا آنذاك كانت مرتفعة في المدن، لكنها أقل في القرى الصغيرة. المدن الكبرى اليوم، كمدن الولايات المتحدة وروسيا، تشهد معدلات جريمة مشابهة أو أعلى من التجمعات الريفية في العصور الوسطى. ورغم أن المجتمع الحديث يتميز بالحضرية والتقنيات في رصد الجريمة، أظهرت بعض المجتمعات القديمة مستويات منخفضة نسبياً من الجرائم البسيطة، بسبب طبيعة الحياة المجتمعية المتقاربة.

لكن "السلام" لا يُقاس فقط بغياب الحروب أو الطعنات، بل يشمل أيضاً الشعور بالسكينة والاتزان النفسي. رغم أن المجتمعات الحديثة شهدت انخفاضاً في الأعمال البدنية الشاقة وزيادة في الرفاه التكنولوجي، بات القلق الوجودي والضغوط النفسية مثل القلق من البريد الإلكتروني، والازدحام المروري، ومخاوف الأمن، جزءاً من الحياة اليومية. في الماضي، ورغم الفقر والمخاطر، عاش كثير من الناس حياة ذات معنى، قريبة من الطبيعة، مليئة بالروابط الأسرية والاجتماعية، واللحظات اليومية البسيطة. من المفيد إعادة التفكير في تعريف السلام، والاستفادة من تجارب الماضي في بناء مجتمعات أكثر طمأنينة اليوم.

toTop