القصص وراء الوجوه الجامدة اللامُعبِّرة: كيف نفهم غيابَ الابتسامات في الصور القديمة؟

ADVERTISEMENT

تُظهر الصور الشخصية القديمة، لاسيّما من أواخر القرن الثامن عشر وطوال القرن التاسع عشر، وجوهًا خالية من الابتسامة، سواء للأطفال أو البالغين، حتى في المناسبات السعيدة كالأعراس. أسباب غياب الابتسامة في الصور الفوتوغرافية حينها تعود إلى عوامل تقنيّة وثقافية واجتماعية.

الكاميرات الأولى احتاجت وقتًا طويلًا لالتقاط الصورة، يبدأ أحيانًا من 20 دقيقة وينخفض لاحقًا إلى 20 ثانية، مما فرض على الأشخاص الثبات التام، وكأن الصورة تمثّل موقفًا جادًا. الجلوس بوجه مسترخٍ بدلاً من الابتسامة كان أسهل للحفاظ على جودة الصورة، إذ أدّت أي حركة إلى تشويش الصورة.

ADVERTISEMENT

مع تطوّر التصوير وتقدّم الكاميرات، خاصة بعد إدخال كاميرا براوني، أصبح التقاط الصور سريعًا، مما أتاح ظهور الابتسامات لاحقًا، وإن كانت الجودة لا تزال تُقاس بمعايير ذاك العصر.

من ناحية فنية، كانت الصور الشخصية امتدادًا للرسم اليدوي الذي كان يوثّق اللحظات الهامة ويتطلّب وقتًا وجهدًا. لذلك، ورث التصوير الفوتوغرافي تلك الجديّة، حيث رُبطت الصور بمناسبات مهيبة وأحداث خاصة مثل أعياد الميلاد أو الإنجازات أو حتى الوفاة.

في العصر الفيكتوري، انتشر تصوير الموتى كتقليد وثائقي، إذ أُخذت الصور للمتوفّى بعد تجهيزه بوضعية معيّنة. النظر إلى الصورة كوسيلة لحفظ الهيئة الأخير للفقيد ساهم في ارتباط الصور الشخصية آنذاك بالوقار والجمود بدلاً من البهجة.

ADVERTISEMENT

على المستوى الاجتماعي، ساد اعتقادٌ بأن الابتسامة تشير إلى الجهل أو قلة الاحترام، وارتبطت بالطبقات الدنيا، بينما اعتُبر الوجه الجادّ انعكاسًا للرقي والاحترام. النصوص التاريخية المعاصرة توضح الميل إلى رفض الابتسام في الصور الشخصية.

تعكس الصور القديمة نمطًا ثقافيًا وتقنيًا ساد في السابق، حيث ارتبط التصوير الفوتوغرافي بالجدية والاحترام لا بالتعبير عن الفرح، مما يفسّر غياب الابتسامة في البورتريهات التاريخية.

toTop