التعاون بين عُمان واليابان في مواجهة التحديات البيئية.

على الرغم من اختلاف موقع عُمان واليابان الجغرافي ومراحل تطورهما، إلا أنهما تشتركان في إدراك أهمية الإدارة البيئية. ويعكس تعاونهما المتنامي في مجالات مثل تحول الطاقة، ومعالجة المياه، والتقنيات النظيفة تقارباً عميقاً في الرؤى الهادفة إلى تعزيز التنمية المستدامة. تتناول هذه المقالة لمحة عن عُمان من حيث الجغرافيا والسكان والاقتصاد والموارد، والقضايا البيئية في عُمان، والسياسة والمبادرات البيئية الدولية في اليابان، والتقارب بين عُمان واليابان في مجالات البيئة، والتعاون القائم بين البلدين للتصدّي لقضايا البيئة، والنتائج المتوقعة لهذا التعاون.

المحافظات والمعالم البحرية في عُمان

1. عُمان: الجغرافيا، السكان، الاقتصاد، والموارد الطبيعية.

الجغرافيا والسكان.

خريطة عُمان

تقع عُمان على الساحل الجنوبي الشرقي لشبه الجزيرة العربية، ويبلغ عدد سكانها حوالي 4,7 مليون نسمة (تقديرات عام 2024). تشمل تضاريسها صحاري قاحلة وجبالاً وعرة وساحلاً بطول 2092 كيلومتراً على طول بحر العرب وخليج عُمان.

المناظر الطبيعية في عُمان- وادي وواحة نخيل

• الاقتصاد.

تعتمد عُمان تقليدياً على النفط والغاز - حيث يُسهمان بنحو 30% من الناتج المحلي الإجمالي، ويُمثلان 60% من الصادرات و75% من الإيرادات الحكومية - وتهدف إلى تنويع اقتصادها نحو السياحة والخدمات اللوجستية والتصنيع والطاقة النظيفة.

مزارع النخيل في سفح قلعة نخل بمنطقة الرستاق - سلطنة عمان.

• الموارد الطبيعية.

تتمتع عُمان بثروة من الموارد الهيدروكربونية، وتمتلك بنية تحتية استراتيجية للغاز الطبيعي المسال (تُصدر الشركة العُمانية للغاز الطبيعي المسال حوالي 8 ملايين طن سنوياً). وبفضل إمكاناتها الوفيرة من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، تبرز عُمان بسرعة كمركز للهيدروجين الأخضر، وتسعى إلى الوصول إلى طاقة إنتاجية تبلغ 8,5 مليون طن سنوياً بحلول عام 2050.

2. عُمان: القضايا والتحديات البيئية.

تواجه عُمان تحديات بيئية مُلحة، منها:

• ندرة المياه نتيجةً للمناخ الجاف ومحدودية مصادر المياه العذبة، مما يستلزم أنظمة صرف صحي فعّالة.

• التلوث البحري والتهديدات التي تُهدد النظم البيئية الساحلية في خليج عُمان.

• مشاكل جودة الهواء الناتجة عن حرق الهيدروكربونات؛

• التأثر بتغير المناخ، وخاصةً ارتفاع درجات الحرارة وعدم انتظام هطول الأمطار.

ولمواجهة تحديات الصرف الصحي، تُجري شركة فوجي كلين اليابانية تجربةً تجريبيةً لمعالجة مياه الصرف الصحي اللامركزية في المناطق الجبلية والريفية.

3. عُمان: سياسة التعاون الدولي في الشؤون البيئية.

تسعى عُمان إلى تحقيق تعاون بيئي دولي يتماشى مع رؤيتها 2040. وتشمل مبادئها التوجيهية الرئيسية ما يلي:

• اعتماد نقل التكنولوجيا وبناء القدرات.

• التعاون مع الوكالات متعددة الأطراف وإبرام مذكرات تفاهم ثنائية.

• معالجة قضايا الأمن المائي، والطاقات المتجددة، والحفاظ على البيئة البحرية.

• من أبرز المبادرات الانضمام إلى مذكرة تفاهم IOSEAبشأن السلاحف البحرية (2004) لحماية النظم البيئية البحرية الإقليمية.

جامعة ظُفار في صلالة- عُمان.

4. اليابان: السياسة والمبادرات البيئية الدولية.

تؤكد الاستراتيجية البيئية العالمية لليابان على ما يلي:

• نشر التقنيات الخضراء (الطاقة المتجددة، والهيدروجين، ومياه الصرف الصحي، ومعالجة النفايات).

• المشاركة عبر الآليات المالية/المؤسسية - آلية الاعتماد المشتركة (JCM)، والوكالة اليابانية للتعاون الدولي (JICA)، والمنظمة الوطنية للتنمية الاقتصادية (NEDO).

• مذكرات تفاهم ثنائية وأطر تعاون مع الدول النامية تهدف إلى خفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، وكفاءة استخدام الموارد، والتحديث.

يمتد الحضور العالمي لليابان إلى إدارة النفايات، والهيدروجين، والأمونيا، وتقنيات معالجة المياه.

5. تقارب الرؤية بين عُمان واليابان.

تشترك عُمان واليابان في أهداف استراتيجية متكاملة:

أولوية عُمان                                    عرض اليابان

التحول في مجال الطاقة                   التنويع الاقتصادي بعيداً عن الوقود الأحفوري؛ بناء هيدروجين أخضر. توفير التكنولوجيا والأنظمة والشراكات في مجال الهيدروجين/الأمونيا.

مياه الصرف الصحي                        الصرف الصحي الريفي، حلول المعالجة اللامركزية (مثل فوجي كلين).

النظم البيئية البحرية                        الحفاظ على السواحل. خبرات متوافقة مع مبادرات IOSEA.

تكنولوجيا المناخ                              الوقود النظيف، خفض انبعاثات غازات الدفيئة، JCM، أنظمة الطاقة المتجددة البحرية.

يُهيئ كل هذا أرضية خصبة للتعاون طويل الأمد.

6. تأسيس التعاون البيئي بين عُمان واليابان.

مذكرات تفاهم ثنائية واتفاقيات رفيعة المستوى.

توقيع اتفاق التعاون بين اليابان وعُمان في مجال البيئة.

• وُقِّعت مذكرة تفاهم تأسيسية في مجال الطاقة لأول مرة في كانون الثاني 2014، ومُدِّدت في كانون الثاني 2023، لتشمل النفط الخام والغاز والهيدروجين والأمونيا وإعادة تدوير الكربون.

• في 27 كانون الأول 2022، وُقِّعت مذكرة تعاون تاريخية بشأن الهيدروجين والأمونيا وإزالة الكربون بين وزارة الاقتصاد والتجارة والصناعة (اليابان) ووزارة الطاقة والمعادن العُمانية.

شباط ٢٠٢٥: شارك وكيل وزارة النفط والغاز العماني، محسن الحضرمي، في مؤتمر مركز اليابان للتعاون في مجال النفط والطاقة المستدامة في طوكيو.

7. المؤسسات المسؤولة عن التعاون البيئي بين عُمان واليابان.

• الجانب العُماني: وزارة الطاقة والمعادن؛ شركة نماء لخدمات المياه؛ غرفة تجارة وصناعة عُمان.

• الجانب الياباني: وزارة الاقتصاد والتجارة والصناعة؛ مركز التعاون الياباني للبترول والطاقة المستدامة (JCCP/JCCME)؛ فوجي كلين؛ منظمة اليابان للمعادن وأمن الطاقة (JOGMEC)؛ NEDO؛ جايكا.

8. مجالات التعاون الرئيسية بين عُمان واليابان.

أ. الهيدروجين والأمونيا: بناء قدرات الإنتاج والخدمات اللوجستية والتصدير.

ب. إعادة تدوير الكربون وإنتاج الميثان: تطوير سلاسل القيمة الرأسية.

ت. التحول في مجال الطاقة: الاستثمار في المنبع، والطاقة المتجددة، وتكنولوجيا الوقود النظيف.

ث. إدارة المياه والصرف الصحي: تدخلات لامركزية في مجال الصرف الصحي من قِبل شركة.

ج. شراكات التكنولوجيا الخضراء مع القطاع الخاص: ضمن إطار عمل مركز التعاون الخليجي والشرق الأوسط التابع لغرفة تجارة وصناعة عمان.

ح. بناء القدرات: ورش عمل، بحث وتطوير، تدريب الكوادر، مشاريع تجريبية من خلال برامج التبادل.

9. النتائج المتوقعة للتعاون البيئي بين عُمان واليابان.

• بناء القدرات في قطاعي الطاقة والبيئة في عُمان.

• استثمارات خالية من المخاطر في الهيدروجين الأخضر، والأمونيا، وتقنيات الكربون.

• صرف صحي فعّال من حيث التكلفة، لا سيما في المناطق الريفية من خلال أنظمة لامركزية.

• تعزيز روابط القطاع الخاص في مجال التكنولوجيا النظيفة.

• تعزيز أمن الطاقة من خلال استقرار سلاسل الغاز الطبيعي المسال/الهيدروجين وخفض الانبعاثات.

• دعم مسيرة عُمان نحو تحقيق صافي انبعاثات صفري بحلول عام 2050.

10. التوقعات المستقبلية للتعاون البيئي بين عُمان واليابان.

• تجديد/تمديد مذكرات التفاهم لما بعد 2026-2028.

• التوسع في مجالات: حماية البيئة البحرية، والبلاستيك الدائري، والبنية التحتية المتجددة.

• إدراج برنامج JCMالياباني، وفتح المجال لتمويل الانبعاثات.

• توسيع نطاق تجارب FujiCleanالتجريبية واعتمادها على نطاق أوسع في عُمان.

• شراكات أقوى مع القطاع الخاص، والبحث والتطوير، والاستثمار الياباني المحتمل في الهيدروجين الأخضر العُماني.

• التكامل مع المبادرات الإقليمية مثل مذكرة تفاهم IOSEA Turtleوأطر العمل الخضراء لدول مجلس التعاون الخليجي.

الخلاصة.

يُمثل التعاون بين عُمان واليابان شراكة بيئية استراتيجية وتكافلية. بفضل الاتفاقيات الرسمية والتطلعات المشتركة والتكامل التقني، يُحقق هذا التحالف نتائج ملموسة في مجالات الطاقة النظيفة وإدارة المياه والقدرات المؤسسية. ويَعِدُ هذا التحالف مستقبلاً بدعم مرونة عُمان البيئية، وتعزيز أهداف اليابان في مجال الدبلوماسية المناخية، مُجسّداً بذلك شراكة قائمة على تحقيق فوائد التنمية المستدامة لكلا البلدين.