علاقة حبّ مع العدس: لقد فتحت عينيّ وحواسي الذوقية على هذه الأكلة النباتية اللذيذة

ADVERTISEMENT

في طفولتي، كان العدس مجرد مكون ثانوي لا يستحق اهتمامًا كبيرًا، لكن اكتشافي لحساء العدس في مساء ماطر غيّر كل شيء. بمكونات بسيطة - خضروات، ثوم، كمون وعدس - فوجئت بنكهات عميقة وقيمة غذائية عالية. أثار الطبق فضولي، فجربت وصفات أخرى: كاري العدس، سلطة العدس، المجدرة، ودال ماخاني، وكل وصفة كشفت عن عالم غني من الطهي النباتي والنكهات العالمية.

مع الوقت، أدركت مكانة العدس كغذاء أساسي في العالم. من الدال الهندي بأنواعه، إلى المجدرة الشرق أوسطية التي تغذي العائلات منذ أجيال، إلى اليخنات الإثيوبية مثل ميسير ووت، وحتى عدس "لنتيل دو بوي" الفرنسي. الأطباق لم تكن مجرد وجبات بل تجارب ثقافية وحكايات عن مرونة الشعوب.

ADVERTISEMENT

العدس ليس فقط طعامًا صحيًا، بل عنصر غذائي غني بالبروتين، الألياف، الحديد والكربوهيدرات المعقدة. يتميز بسعره المنخفض وبصمته الكربونية القليلة، مما يجعله خيارًا مستدامًا من حيث التغذية والبيئة. لا حاجة للمكملات الغذائية مع وعاء من العدس الأحمر المتبل الذي يمنح الدفء والشبع.

استهلاك العدس غيّر علاقتي بالطعام. أصبحت أقدّر الطهي كطقس، ألاحظ توازن القوام، العطر، وحتى صوت الغليان. تغيّرت حواسي الذوقية، وأعدت النظر في اعتماد نظامي الغذائي على اللحوم.

من حيث الزراعة، العدس - واسمه العلمي Lens culinaris - ينتمي إلى عائلة البازلاء ويمتاز بقدرته على تثبيت النيتروجين في التربة بفضل تفاعله مع بكتيريا معينة في جذوره، مما يحسن جودة الأرض الزراعية دون الحاجة لأسمدة صناعية. بالإضافة إلى ذلك، زراعته لا تستهلك كميات كبيرة من الماء.

ADVERTISEMENT

العدس ليس جديدًا، فقد عُثر عليه في سوريا ويعود تاريخه إلى 8000 ق.م. حتى في العصور القديمة، كان بديلًا مغذيًا للحوم. نصف كوب منه يحتوي على 150 سعرة حرارية و9 جرامات من البروتين دون دهون أو كوليسترول.

اليوم، يحتل العدس مكانًا دائمًا في مطبخي، وأشاركه مع الآخرين تمامًا كما نشارك صور العطلات. أصبح العدس أكثر من مجرد طعام؛ إنه قصة حب غذائية مستمرة، نقلتني من متشككة إلى مؤمنة بقوته وقيمته.

toTop