ثورة في علم المواد: مواد جديدة خفيفة كالستايروفوم ومتينة كالفولاذ الكربوني

ADVERTISEMENT

طالما سعى مهندسو الطيران والسيارات والبناء إلى إنتاج مواد خفيفة وصلبة في آنٍ واحد، لأن كل كيلوغرام أقل يعني وقوداً أقل أو حمولة أكثر. كانت الخيارات القديمة تقتصر على حديد ثقيل أو ألمنيوم خفيف لكنه أضعف، أما اليوم فتُنتج خامات نانوية وهياكل شبكية تجمع الخفة والقوة معاً. تتكوّن من أسلاك معدنية دقيقة ومن هلاميات هوائية تُقلّد عظام الطيور أو خشب الصنوبريات، فتخرج بنية أخف من الريش وأصلب من الفولاذ.

بدأت القصة خمسينيات القرن الماضي مع الرغوة البلاستيكية، لكن الانقلاب الحقيقي جاء حين أصبحت الطابعات ثلاثية الأبعاد والمحاكاة الحيوية أدوات يومية. صنع الباحثون شبكات بكثافة 0.5 ملغم لكل سنتيمتر مكعب، أي أخف من ريشة الدجاجة، تتشرب التصادمات وتستهلك 90 % من طاقتها دون أن تنهار. أضافوا برامج ذكاء اصطناعي تُعيد رسم التصميم آلاف المرات حتى تخرج شبكات كربونية مقاومتها 600 كيلونيوتن لكل كيلوغرام، أي عشرة أضعاف فولاذ البناء.

ADVERTISEMENT

يُستخدم هذا الإنتاج الآن في: جناح طائرة خفيف يحمل أحمالاً أكبر، سيارة وزنها أقل بثلاثين بالمئة فتستهلك لتراً أقل كل مئة كيلومتر، وجسر يلتف بالزلازل دون أن يتكسر، وحذاء رياضي يعيد تخزين طاقة خطوة الركض. كما تدخل في خوذة الدراجات، علبة الحليب، والحساسات الدقيقة التي تُدار بالضغط الهوائي.

تُصنع هذه البنى بأشعة ليزر فائقة الدقة، بتحليل رقمي يختبر كل عقدة، وبمجاهر ترسم الذرات واحداً بواحد. السعر المرتفع وصعوبة إنتاج ألواح بطول مترين لا يزال يعيق الانتشار، لكن كلفة الطباعة تنخفض عشرين بالمئة كل عام مع دخول معامل جديدة.

ADVERTISEMENT

أحدث ما توصل إليه العلماء شبكة كربون خفيفة تطفو فوق الماء وتتحمل وزن شاحنة. يمول الاتحاد الأوروبي ووكالة DARPA الأميركية مشاريعها بمليارات الدولارات، وتتوقع الدراسات أن يصل حجم السوق إلى 300 مليار دولار سنة 2040، ليغيّر العزل الحراري وبطاريات السيارات ودروع الجنود وقذائف الصواريخ.

toTop