التحقيق في لغز ستونهنج القمري: من الانبهار البشري إلى الاكتشافات القمرية المستقبلية

ADVERTISEMENT

ألهب القمر خيال البشر منذ القدم، فملأ الأساطير، ونظّم مواسم الزراعة، وشكّل طقوساً دينية. اعتمدت أربعة من كل خمس حضارات قديمة تقويماً يعتمد على حركة القمر، وتركت لنا معابد ومنحوتات تُظهر أن أجدادنا رصدوا القمر بدقة قبل آلاف السنين.

في خمسينيات وستينيات القرن الماضي، تحوّل الحلم إلى سباق بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي. نجحت مركبة «أبولو 11» في 1969، فوطأ نيل أرمسترونغ التراب القمري لأول مرة. صرفت واشنطن ما يعادل 150 مليار دولار اليوم على البرنامج. بعد السباق السياسي، برزت أسباب أخرى: فهم نشأة الكواكب، الحصول على موقع استراتيجي، تطوير تقنيات جديدة، استخراج هليوم-3 النادر، والتفكير في إقامة مستعمرة بشرية.

ADVERTISEMENT

أبرز المحطات: رحلات أبولو الست، مسبار «لونار ريكونيسانس أوربيتر» الذي صوّر السطح بالتفصيل، وسلسلة «تشانغ إي» الصينية التي هبطت على الجهة المخفية من القمر. أظهرت العينات والصور وجود جليد مائي في الفوهات المظللة، ما يُبقي أمل الحياة مستقبلاً.

يتكوّن القمر من مرتفعات خشنة وسهول مسطّحة تغطّى بصخور بركانية. ترتفع الحرارة نهاراً إلى 130 درجة مئوية، وتنخفض ليلاً إلى سالب 180. سُجّلت هزات قمرية ضعيفة، لكن الأهم هو اكتشاف جليد مائي في بقاع لا تصلها أشعة الشمس أبداً.

يرى بعض علماء الآثار أن «ستونهنج» لم يُبنَ لرصد الشمس فقط، بل لملاحظة دورة القمر التي تستغرق 18.6 سنة. يشيرون إلى حفر صغيرة - تُعرف بأوبري - تتطابق مع أعلى وأدنى نقطة يصلها القمر في السماء. استخدم الباحثون نماذج حاسوبية ومسحاً ليزرياً وتحاليل كربونية لإثبات الفكرة.

ADVERTISEMENT

إذا صحّت القراءة القمرية للنصب، فستُعيد كتابة تاريخ علم الفلك قبل الكتابة، وتُظهر أن سكان بريطانيا قبل خمسة آلاف سنة كانوا يتابعون السماء بدقة تضاهي المراصد الحديثة.

اليوم، تتقاسم دول عدة العمل عبر اتفاق «أرتميس» ومحطة «البوابة القمرية» لتقاسم التكاليف وتبادل الخبرات. تنتظرنا هبوطة جديدة خلال السنوات القليلة، ثم استخراج الجليد والمعادن، وبناء أول قرية فضائية. تتوقع دراسات أن يبلغ حجم الاقتصاد القمري 100 مليار دولار سنة 2040.

يبقى ستونهنج شاهداً على أن القمر لم يغب عن وعي الإنسان، من الأسطورة الأولى إلى خطط الاستيطان الأخيرة.

toTop