في زمن تتسارع فيه وتيرة الحياة وتتعدد فيه الفرص المالية والتحديات الاقتصادية، يظل سؤال واحد يطرق الأذهان: لماذا لا نُعلَّم التمويل الشخصي في مدارسنا؟ في عالمنا العربي، يتخرج الطلاب من المراحل الدراسية حاملين شهادات أكاديمية، ولكنهم غالبًا ما يفتقرون إلى أبسط المهارات الحياتية، وعلى رأسها الثقافة المالية.
يعيش الشاب العربي تناقضًا واضحًا؛ فهو مؤهل نظريًا لدخول سوق العمل، لكنه يفتقر إلى أدوات الوعي المالي التي تمكّنه من إدارة دخله، تفادي الديون، أو الادخار للمستقبل.
التمويل الشخصي هو علم وفن إدارة الأموال بطريقة فعالة ومسؤولة. يشمل هذا المجال:
غياب هذا الوعي المالي يُدخل العديد من الشباب في دوامة من المشاكل الاقتصادية، مثل الاستهلاك المفرط، والإفراط في استخدام البطاقات الائتمانية، والعجز عن الادخار.
قراءة مقترحة
على عكس الوضع في معظم الدول الغربية مثل كندا وألمانيا والدنمارك، حيث تُدرَّس الثقافة المالية في المدارس منذ المراحل الابتدائية، نجد أن أغلب الدول العربية تتجاهل هذا الجانب الحياتي المهم.
أما في الوطن العربي، فالمناهج تظل حبيسة المعادلات النظرية والتلقين، بينما يغيب فيها الجانب العملي لحياة الطالب.
يركز نظام التعليم العربي على المواد التقليدية (الرياضيات، اللغة، العلوم)، بينما تُعتبر المهارات الحياتية ترفًا لا أولوية له.
إدراج التمويل الشخصي يتطلب معلمين مدرَّبين على هذا النوع من التعليم، وهو ما تفتقر إليه الكثير من المؤسسات التربوية.
حتى الآن، لا يرى كثير من أولياء الأمور أو صناع القرار أهمية كبيرة لتعليم الأبناء كيفية إدارة المال.
من دون تبني رسمي من وزارات التربية والتعليم ودمج واضح في مناهج التعليم العربي، سيبقى التعليم المالي مبادرة غير رسمية إن وُجدت.
لا يعرف كثير من الشباب كيف يوزعون رواتبهم الشهرية. بعضهم يصرف كامل الدخل خلال أيام قليلة.
بدون فهم آليات الفائدة المركبة أو شروط السداد، يقع الكثيرون ضحايا لبطاقات الائتمان أو قروض استهلاكية مرهقة.
من دون ثقافة الادخار، يفقد الفرد القدرة على مواجهة الأزمات أو التخطيط لشراء منزل، تأسيس مشروع أو حتى التقاعد.
تدريس التمويل الشخصي يساعد في تشكيل جيل أكثر استقلالية وقدرة على اتخاذ قرارات مالية مدروسة.
تشير دراسات عالمية إلى أن التعليم المالي يقلل من الفقر على المدى البعيد، لأنه يعلم الأفراد كيف يستثمرون ويديرون مواردهم.
الشباب الذي يفهم المال وكيفية استخدامه سيكون أكثر استعدادًا لإطلاق مشاريع ناجحة.
كلما زاد عدد الأفراد القادرين على إدارة أموالهم بشكل مسؤول، أصبح الاقتصاد أكثر استقرارًا.
يمكن تعليم الأطفال في المراحل الأولى مفاهيم مثل "الادخار" و"الأولويات" من خلال الألعاب والقصص.
يمكن تحويل دروس الرياضيات إلى تمارين على الميزانية، الربح، الفائدة، وحساب الضرائب.
إضافة مادة مستقلة باسم "الوعي المالي" أو "التربية الاقتصادية" في المرحلة الإعدادية أو الثانوية.
يمكن للمدارس تنظيم ورشات لأولياء الأمور لتعزيز المفاهيم التي يتعلمها الأبناء في البيت أيضًا.
رغم التحديات، هناك بعض المبادرات التي بدأت تشق طريقها:
لكن هذه المبادرات تحتاج إلى تعميم، وتطوير، وإدراج رسمي في السياسات التعليمية.
في عالم معقّد ماليًا ومتقلب اقتصاديًا، لا يجوز أن يظل التعليم منفصلًا عن الواقع.
إن غياب التعليم المالي من مناهجنا هو تقصير تربوي كبير، يساهم في خلق أجيال ضائعة ماليًا، تعاني من الديون، تفتقر للادخار، وتغيب عنها أبسط المهارات الاقتصادية.
إن الوقت قد حان لتكون الثقافة المالية في المدارس ضرورة لا ترفًا، ومسؤولية لا خيارًا.
فالمجتمع الذي يعلّم أبناءه كيف يُحسِنون التعامل مع المال، هو مجتمع يضع أسس مستقبله بثقة واستقرار.
رشا هشام شربتجي: مخرجة سورية معروفة في الدراما العربية
الأوبرا باللغة العربية: تاريخ وأشهر المؤلفات باللغة العربية
أنا محرر محترف، وهذه العبارات تُشير إلى استخدامي لـ ChatGPT: تتبع بصمات الكتابة المُولّدة بالذكاء الاصطناعي
روعة معبد دندرة الذي يخطف الأنفاس
التأثير العربي على لعبة الشطرنج
لماذا تسيطر مصر على عالم الإسكواش
كبسولة مرّاكش الزمنية - ساحة المسجد المهجور
السعودية تفوز بالجائزة الكبرى وتُحقق رقماً قياسياً في معرض جنيف للاختراعات: سردية عالمية ووطنية للابتكار
شبكة الطرق الدولية في المشرق العربي: بوابة للتجارة والتنمية
ربما وجد الفيزيائيون وجدوا مادة كانت موجودة قبل الانفجار العظيم