أبيدوس مدينة التي دفن فيها أوزيريس الذي يرى كل شيء

ADVERTISEMENT

تقع مدينة أبيدوس غرب نهر النيل في محافظة سوهاج، في منطقة تُعرف بالعرابة المدفونة. تُعد من أقدم وأهم مدن مصر القديمة، وتتميّز بوجود قائمة ملوكية دقيقة تضم 73 ملكًا، من بينهم نعرمر، ومنتوحتب الثاني، وأحمس الأول، كُتبت أسماؤهم بالحبر الأحمر، في دلالة يعتبرها المؤرخون علامة فاصلة لبدايات الدول الثلاث الكبرى في التاريخ المصري القديم: القديمة، والوسطى، والحديثة.

برزت أهمية أبيدوس منذ فجر التاريخ المصري، حين جعل منها ملوك الدولة القديمة موقعًا لمقابرهم الثانوية إلى جانب المقابر الرئيسية في منف، رغم بُعدها عن العاصمة، ما يوضح مكانتها الدينية الكبرى. يُعزى ذلك بشكل أساسي للاعتقاد بأن الإله أوزيريس، إله البعث والخلود، دُفن بها، أو أن جزءًا من جسده وُوري الثرى هناك.

ADVERTISEMENT

تروي الأساطير المصرية القديمة أن الإله ست، إله الشر، قتل شقيقه أوزيريس خلال احتفال، ثم ألقاه في النيل قبل أن يُقطّعه إلى 42 جزءًا وزّعها على مدن مصر. فتقوم زوجته الإلهة إيزيس، بمساعدة جحوتي وحتحور وأنوبيس، بجمع تلك الأجزاء ولَفّها في الكفن الملكي، لتُعيد تكوين جسده ودفنه في أبيدوس، حيث أنشأت له مقبرة سماها "الأوزيريون"، التي صارت مزارًا دينيًا محوريًا في العقيدة المصرية القديمة.

أصبح أوزيريس بعدها ملك العالم الآخر، يجلس على عرش الحساب، حيث تُجرى محكمة الموتى، ويتم فيها وزن قلب المتوفى مقابل ريشة العدالة. تقضي العقيدة أن أوزيريس يملك القدرة على رؤية كل شيء، ويقرر مصير الأرواح إن كانت صادقة تدخل "حقول اليارو"، الجنة، وإن كذبت تُلتهمها الوحوش. هذا الاعتقاد ألهم ملوك مصر القديمة، فحرصوا على ربط مصيرهم الأبدي به، دافعين ببناء معابدهم ومقابرهم بالقرب من مكان دفنه المزعوم في أبيدوس، المدينة التي خلدها التاريخ كمركز ديني روحي بارز في مصر القديمة.

toTop