الفتح العربي الإسلامي للأندلس: تاريخ وحضارة وتراث

بدأ الغزو العربي الإسلامي لأرض الأندلس سنة 711م حين عبر طارق بن زياد بجيشه مضيق جبل طارق وغلب على القوط الغربيين بقيادة ملكهم رودريك في موقعة غواداليتي. أعقب ذلك إرسال موسى بن نصير تعزيزات، فسيطر القادة على الجزء الأكبر من شبه الجزيرة الإيبيرية خلال سنوات معدودة. أدى الفتح إلى قيام حكم إسلامي أرسى حضارة ازدهرت في الأندلس.

في سنة 756م، أنشأ عبد الرحمن الداخل إمارة أموية منفصلة في قرطبة بعد أن استولى على الحكم. في عهده شيّدت أبنية شهيرة مثل جامع قرطبة، وعاشت الأندلس وضعًا سياسيًا مستقرًا وتقدمًا حضاريًا. بقيت الخلافة الأموية حتى القرن الحادي عشر، ثم خلفتها دويلات صغيرة لم تواجه زحف الممالك المسيحية من الشمال، فانتهى الوجود الإسلامي بسقوط غرناطة سنة 1492.

أحدث الغزو نهوضًا ثقافيًا وفكريًا بارزًا، إذ تحولت الأندلس إلى مركز علمي عالمي جمع باحثين من أصول مختلفة. نشطت حركة ترجمة نقلت معارف يونانية ولاتينية إلى العربية، فحفظت هذا الإرث ونقلته إلى أوروبا فيما بعد.

اتسم الحكم الإسلامي بالتسامح الديني، إذ ترك لأتباع الديانات الأخرى حرية الشعائر ضمن نظام الذمة، فنشأ تعايش هادئ بين المسلمين والمسيحيين واليهود، وتكوّن نسيج ثقافي متنوع يقوم على الاحترام المتبادل.

برزت الحضارة الأندلسية بعمارة فذّة، منها قصر الحمراء وجامع قرطبة اللذان يظهران مزيجًا بصريًا نادرًا بين الطرازين الإسلامي والمسيحي. دعم الحكام المسلمون التوسع الحضري فصارت مدن الأندلس رمزًا للرقي والازدهار.

رغم زوال الحكم الإسلامي، بقي أثر تلك المرحلة حيًّا في الفكر الإسلامي، إذ انتشرت كتب علماء الأندلس إلى شمال ووسط أفريقيا ونشرت كنوز التراث الإسلامي. لا تزال إنجازاتهم محل إعجاب وتسهم في فهم تاريخ الإسلام العالمي.