مصر خالية من الملاريا: علامة فارقة في تاريخ الصحة العالمي والوطني

ADVERTISEMENT

أعلنت منظمة الصحة العالمية رسمياً أن مصر ستُعتمَد دولة خالية من الملاريا بحلول عام 2025، لتصبح مثالاً ناجحاً في القضاء على أحد الأمراض الأكثر فتكاً. الشهادة تحمل دلالة رمزية تعكس قرناً من الجهود الوطنية والدولية المتضافرة.

الملاريا مرض قديم تسببه طفيليات تنتقل عبر بعوض الأنوفيلة، وظهرت أعراضه في برديات مصرية منذ عام 1550 قبل الميلاد. انتشر في العالم عبر الحروب والتجارة، وبلغ أوجه في أفريقيا الحديثة. رغم التقدّم العلمي، لا تزال دولٌ كثيرة تعاني من انتشار المرض.

في مصر، كانت الملاريا مستوطنة في دلتا النيل والصعيد وواحة الفيوم، وسُجّلت عشرات آلاف الحالات سنوياً حتى خمسينيات القرن العشرين. الظروف المناخية، وزراعة الأرز، وضعف الرعاية الصحية، وهجرة العمالة، ساهمت جميعها في ارتفاع معدل الإصابة.

ADVERTISEMENT

الملاريا ألحقت ضرراً صحياً واجتماعياً واقتصادياً كبيراً، إذ أثرت على إنتاجية السكان، وزادت وفيات الأطفال والنساء الحوامل، وتسببت بخسائر زراعية بلغت ملايين الدولارات.

بدأت مصر مكافحتها المنظمة للملاريا منذ العشرينيات، وأطلقت وزارة الصحة حملات شاملة شملت رش المبيدات، وتوزيع علاج الكلوروكين، وتدريب العاملين الصحيين. بحلول السبعينيات، تحوّل التركيز إلى إبادة البعوض باستخدام نظم المعلومات الجغرافية والتصوير الفضائي.

شهدت مصر انخفاضاً حاداً في الإصابات: من أكثر من 10,000 حالة سنوياً إلى أقل من 10 بعد عام 2000، ومنذ 2014 لم تُسجَّل أي حالات محلية، وغطّت الناموسيات المعالجة أكثر من 90 % من المناطق المعرضة.

ADVERTISEMENT

اعتمدت مصر معايير منظمة الصحة العالمية من حيث توفر نظام مراقبة فعال، وتوثيق بروتوكولات العلاج، وتدقيق دولي. وقد استُوفِيَت الشروط بحلول 2024.

النجاح جاء بدعم دولي مهم: قدّمت منظمة الصحة العالمية الدعم الفني، وساهمت الوكالة الأمريكية واليونيسف والصندوق العالمي بتمويل وتدريب وتوفير ناموسيات. ومنحت الشهادة في مارس 2025 ضمن إقليم شرق المتوسط.

تُعد مصر رابع دولة في الإقليم، بعد الإمارات والمغرب وتركمانستان، تحصل على الاعتماد. وبذلك أصبحت نموذجاً يُحتذى للدول الراغبة في القضاء على المرض.

toTop