button icon
صورة الخلفيّة
button icon
بطاقات دُعاء
button icon
رمضان مبارك
button icon
بطاقة الإجابة

تعرف على جرش : مدينة الأعمدة والأسوار الرومانية الخالدة

ADVERTISEMENT

تعد مدينة جرش واحدة من أروع وأفضل المدن الأثرية التي تحكي قصة الحضارات القديمة في الأردن. تقع جرش شمال العاصمة عمان وتعتبر من أهم المواقع السياحية في المملكة. تمتاز المدينة بتاريخها العريق الذي يعكس عظمة الإمبراطورية الرومانية وآثارها التي ما زالت قائمة حتى اليوم، مما يجعلها وجهة سياحية متميزة في الأردن. يعرف زوار جرش أنها مدينة الأعمدة والمسارح، إذ تحتفظ بالكثير من المباني الرومانية التي تروي تاريخًا طويلًا من الازدهار والرفاهية. تعتبر جرش موقعًا فريدًا لزيارة المعالم الأثرية القديمة في جو من الأصالة والجمال، حيث تمزج بين التاريخ والحضارة والطبيعة الخلابة.

تصوير هشام زيادنة

أصل تسمية الجرش بهذا الاسم

تعود تسمية “الجرش” إلى الجذر العربي “جَرَشَ”، الذي يعني السحق أو الطحن. يعتقد العديد من المؤرخين أن الاسم يرتبط بتاريخ المدينة كأحد مراكز التجارة والصناعة في العصور القديمة، حيث كان يتم طحن الحبوب والمواد الأخرى في المدينة لتزويد القوافل التجارية التي كانت تمر بها. كما يُعتقد أن كلمة “جرش” قد تكون مشتقة من كلمة يونانية قديمة تعني “المدينة الكبرى”، وهو ما يوضح أهمية المدينة الكبيرة في العصور الرومانية كإحدى أبرز المدن في الإمبراطورية الرومانية الشرقية.

ADVERTISEMENT

كانت المدينة تُعرف بأسمائها المختلفة عبر العصور. في العصر الروماني، كان اسمها “جراسيا” أو “جيراش”، وهو الاسم الذي يربطه البعض بالتحريفات اللغوية للأسماء القديمة. سواء كان اسمها مستوحى من معاني تاريخية أو تجارية، فإن الجرش اليوم تُعدّ واحدة من أبرز المواقع الأثرية التي تجمع بين التاريخ والجمال المعماري.

مقدمة تعريفية عن جرش وتاريخها العريق

تأسست جرش في العصور القديمة على يد الأنباط، لكنها ازدهرت بشكل خاص في الفترة الرومانية، حين كانت تُعرف باسم “جراسيا”. كانت المدينة في ذلك الوقت مركزًا اقتصاديًا وتجاريًا مهمًا، حيث كانت تقع على مفترق طرق القوافل التي تربط بين البحر المتوسط وبلاد ما بين النهرين. بفضل موقعها الجغرافي الاستراتيجي، أصبحت جرش مركزًا حضاريًا مهمًا ونقطة التقاء بين الثقافات المختلفة في تلك الفترة. كانت المدينة مأهولة بالعديد من السكان الذين عملوا في التجارة، الزراعة، والصناعة.

ADVERTISEMENT

في العصر الروماني، شهدت جرش توسعًا هائلًا في بناء الهياكل والمعابد، وأصبحت واحدة من أكثر المدن ازدهارًا في الإمبراطورية الرومانية الشرقية. كانت المدينة محاطة بأسوار ضخمة تحميها من الهجمات، ويظهر هذا واضحًا في الآثار المتبقية في المدينة القديمة. ما زالت جرش تحتفظ بالكثير من المباني والتماثيل الرومانية التي تحمل بصمات الحضارة الرومانية في جميع أرجائها، مما يجعلها واحدة من أهم المواقع الأثرية في العالم.

الأعمدة الرومانية في جرش: سحر الحجر وتاريخ الإمبراطورية

تُعد الأعمدة الرومانية في جرش من أبرز معالم المدينة التي تميزها عن غيرها من المواقع الأثرية في الأردن. تنتشر الأعمدة الضخمة في مختلف أرجاء المدينة، حيث كانت تستخدم في بناء المعابد والساحات العامة. تشهد هذه الأعمدة على فن العمارة الرومانية المتميز، الذي كان يعتمد على القوة والجمال في آن واحد. تعتبر الأعمدة التي تصطف على جانبي “الشارع الأعظم” أو “Cardo Maximus” واحدة من أبرز مشاهد المدينة، حيث يمتد هذا الشارع الروماني على مسافة كبيرة ويتميز بصف من الأعمدة المزخرفة، مما يمنح المكان أجواءً مهيبة تعكس عظمة الإمبراطورية الرومانية. كان هذا الشارع يشكل شريانًا رئيسيًا في المدينة، وكان يمتد من بوابة المدينة في الشمال إلى بوابة الأقصى في الجنوب.

ADVERTISEMENT

إضافة إلى ذلك، فإن الأعمدة التي توجد على طول هذا الشارع تظهر تصميمًا رائعًا يعكس الفن المعماري الروماني المتقن. في كل زاوية من زوايا المدينة، ستجد الأعمدة منتصبة بشكل يعكس عظمة الفترات التي مرت بها المدينة. ومع مرور الزمن، ما زالت هذه الأعمدة صامدة، تشهد على تاريخ طويل من الفخر والإبداع في بناء المعالم التي استمرت حتى اليوم.

تصوير ماورو ليما

الساحات والمسارح: جرش مركز الثقافة القديمة

تتميز جرش بمجموعة من الساحات الرومانية التي كانت مركزًا للحياة الاجتماعية والثقافية في المدينة القديمة. كان الرومان في جرش يخصصون هذه الساحات لاستضافة المهرجانات العامة والعروض المسرحية التي كانت تجذب الجماهير. يُعد المسرح الروماني في جرش واحدًا من أفضل الأمثلة على ذلك، إذ يتسع لحوالي 3000 شخص. يتميز المسرح بجمال تصميمه الذي يسمح بانتشار الصوت بشكل ممتاز، مما يعكس إتقان الرومان لفن البناء. يتميز هذا المسرح بتصميمه المائل الذي يتيح رؤية مثالية لجميع الحضور. ما يجعل هذا المسرح فريدًا هو أن تصميمه تم بعناية فائقة بحيث يمكن للسماعات البشرية أن تصل إلى آخر صف في المسرح دون أي تشويش أو ضعف في الصوت.

ADVERTISEMENT

الساحة الكبرى

بجانب المسرح الروماني، هناك أيضًا الساحة الكبرى، وهي من أبرز المعالم التي كانت تحتضن الحياة الاجتماعية والثقافية في جرش القديمة. كانت هذه الساحة الواسعة تُستخدم لإقامة المهرجانات الشعبية والاحتفالات الدينية والوطنية، حيث تجمّع المواطنون من جميع أنحاء المدينة ومن القرى المجاورة للاستمتاع بالعروض المسرحية والفنية. وقد كانت هذه الفعاليات مناسبةً للتواصل بين أفراد المجتمع، وتبادل الأخبار، والاحتفال بالمناسبات الجماعية، مما جعل الساحة الكبرى تلعب دورًا محوريًا في بناء نسيج اجتماعي قوي.

تتميّز الساحة الكبرى بتصميمها الدائري الفريد الذي تحيط به الأعمدة الرخامية الضخمة، والتي تُعد من أهم الشواهد على عظمة العمارة الرومانية. وقد صُممت بطريقة تتيح استيعاب أعداد كبيرة من الناس، وتُسهّل حركة المرور والتفاعل بين الحضور. كما كانت الساحة مكانًا لعرض المنتجات المحلية والتبادل التجاري، ما أضفى عليها بعدًا اقتصاديًا أيضًا. إن وجود هذه المسارح والساحات المفتوحة يجعل من جرش نموذجًا حيًا يعكس العمق الثقافي والاجتماعي الذي امتازت به المدن الرومانية، ويُبرز كيف كانت الفنون والمهرجانات جزءًا لا يتجزأ من حياة السكان اليومية.

ADVERTISEMENT
تصوير إي إكس بي فوتوغرافي

الهياكل والمعابد في جرش: من معبد أرتميس إلى معبد زيوس

من أبرز معالم جرش التاريخية معابدها الرومانية العريقة، التي كانت تُكرّم الآلهة في العصور القديمة. يُعتبر معبد أرتميس من المعابد الشهيرة في جرش، ويتميز بتصميمه الفاخر وعماراته التي كانت تُعدّ من بين الأجمل في العصر الروماني. يقع المعبد في الجزء الشمالي من المدينة، وهو مثال رائع على التأثيرات اليونانية والرومانية في الفن المعماري. كان هذا المعبد يُعتبر مركزًا دينيًا هامًا في جرش، حيث كان يُقام فيه العديد من الطقوس الدينية. كان المعبد محاطًا بأعمدة ضخمة تزين واجهته، وقد تم ترميمه بشكل جيد بحيث يُمكن للزوار اليوم مشاهدة جمال تصميمه الأصلي.

كما يبرز معبد زيوس، الذي يقع في الجهة الجنوبية الشرقية من المدينة. كان هذا المعبد يُعتبر مركزًا دينيًا مهمًا للرومان، حيث كانت تُقام فيه الطقوس الدينية التي تهدف إلى نيل رضا الآلهة. يحيط بالمعبد مجموعة من الأعمدة المزخرفة التي تشهد على دقة وفن البناء الروماني. إضافة إلى ذلك، تحتوي المدينة على معابد أخرى مثل معبد هرقل ومعبد جونو، التي تعكس الروح الدينية والاحتفالات التي كانت تحدث في ذلك الوقت.

ADVERTISEMENT
تصوير هشام زيادنة

الحياة اليومية في جرش القديمة: الأسواق، الشوارع، والحمامات

تُظهر جرش أيضًا جانبًا مهمًا من الحياة اليومية في العصور القديمة، عبر أسواقها وشوارعها المزخرفة والحمامات العامة التي كانت تُستخدم للترويح عن السكان. كان الشارع الأعظم مركزًا تجاريًا حيويًا، حيث كان الزوار والتجار يلتقون لبيع وشراء السلع من جميع أنحاء العالم القديم. كما كانت الحمامات الرومانية جزءًا أساسيًا من حياة سكان جرش، وتعتبر الحمامات الكبرى في المدينة واحدة من أروع المعالم الأثرية التي تكشف عن بديع الهندسة المعمارية الرومانية.

كانت الحمامات في جرش لا تقتصر فقط على الاستحمام، بل كانت تعتبر مكانًا للتجمع الاجتماعي، حيث يتمتع الناس بالتسلية والتواصل الاجتماعي. كان في الحمامات الرومانية ثلاث مراحل رئيسية: البارد، الدافئ، والحار، مما يعكس تفوق الرومان في استخدام المياه للاستجمام والترفيه. كما أن هذه الحمامات كانت جزءًا أساسيًا من الحياة اليومية، حيث كان يتم فيها الاسترخاء، ممارسة الرياضة، وحتى إجراء بعض الأنشطة التجارية.

ADVERTISEMENT

زيارتك إلى جرش اليوم: تجربة تجمع بين الأصالة والعراقة

اليوم، تمثل جرش مزيجًا رائعًا من الأصالة والتطور، حيث يمكن للزوار استكشاف المعالم الأثرية الرومانية العتيقة، إضافة إلى المرافق الحديثة التي تقدم تجربة سياحية شاملة. تُعد جرش مكانًا مثاليًا للمغامرات السياحية العائلية، حيث يمكن للزوار التمتع بجولة سيرًا على الأقدام بين آثار المدينة القديمة، أو الاستمتاع بالمهرجانات الثقافية التي تقام طوال العام. كما يمكن للزوار استكشاف المتاحف المحلية التي تضم مجموعة من القطع الأثرية التي تروي تاريخ المدينة وتسلط الضوء على حضاراتها المختلفة.

إن زيارة جرش تعد فرصة لا تُفوّت لاكتشاف تاريخ غني من خلال مزيج من الثقافة والفن المعماري الرائع. بإمكان السياح قضاء يوم كامل في المدينة، يتنقلون بين الآثار والمعابد والمسرح، حيث ستظل ذكرياتهم من هذه الزيارة خالدة في أذهانهم. تعد جرش وجهة سياحية مثالية لاكتشاف عجائب التاريخ الروماني والعراقة الأردنية.

toTop