بماذا تشتهر مقديشو عاصمة الصومال؟

ADVERTISEMENT

تُعدّ مقديشو، عاصمة الصومال، واحدة من أقدم الموانئ التاريخية في أفريقيا، وظلت على مدى قرون مركزًا نشطًا للتجارة والثقافة. يقع ميناؤها على المحيط الهندي شرق القرن الأفريقي، فازدهرت المدينة بين القرن العاشر والسادس عشر ضمن سلسلة من المدن الساحلية. كانت تصدّر العاج والذهب والبخور، وتستورد بضائع من الهند والصين والشرق الأوسط. استوطنها تجار عرب وفرس، فتركوا بصمة إسلامية واضحة في الثقافة والعمارة. بدأ سك العملة المحلية في القرن الثالث عشر، دليلاً على قوة المدينة الاقتصادية والسياسية؛ رغم تضرر كثير من معالمها، لا تزال طابعها القديم بارزًا.

ADVERTISEMENT

في أواخر القرن العشرين، تحولت مقديشو إلى مسرح للقتال، خاصة بعد سقوط نظام سياد بري عام 1991، فدخلت في دوامة اقتتال بين الفصائل. تدهور الأمن وانهيار الخدمات العامة أنتج كارثة إنسانية، أبرزها معركة مقديشو عام 1993، التي كشفت صعوبة التدخل الخارجي. لكن المدينة بدأت تتعافى خلال العشرين سنة الماضية، مع عودة جزء من أبناء الجالية الصومالية من الخارج، جلبوا معهم أموالًا وخبرة. ورغم التهديدات المستمرة، تتقدم أعمال إعادة الإعمار بخطى متسارعة، تشمل الطرق والمدارس والمستشفيات، بدعم من شركاء دوليين وعزيمة محلية.

ثقافيًا، تبقى مقديشو قلب الهوية الصومالية. يعيش الشعر التقليدي، والموسيقى، والحكاية الشفوية في حياة الناس، واستمرت خلال سنوات العنف أداة صمود ودفاع عن الكرامة. تشهد المدينة اليوم عودة بطيئة للنشاط الثقافي عبر معارض، حفلات موسيقية، ونوادٍ أدبية، يقودها الشباب الصومالي. يشهد مسجد "أربعة أركان" على الطابع الإسلامي العريق للمدينة، وتجري الآن أعمال ترميم للمعالم القديمة.

ADVERTISEMENT

رغم تحديات كبيرة تتمثل في انعدام الأمن، البطالة، والفقر، تلوح في مقديشو بوادر تحول. أُعيد تأهيل الميناء فأصبح محطة تجارية إقليمية، واتسع مطار عدن الدولي فأعاد ربط المدينة بالعالم. تتوسع التقنية عبر شركات ناشئة وخدمات مالية رقمية، فتحولت مقديشو إلى بيئة خصبة لريادة الأعمال في الصومال. تسير المدينة نحو مستقبل أكثر استقرارًا وازدهارًا، مدفوعة بعزيمة سكانها وإصرارهم على البناء من جديد.

toTop