هل يمكن للعرب تطوير سياراتهم الخاصة؟ دروس من تجربة جنوب إفريقيا

ADVERTISEMENT

مع تسارع الابتكار الصناعي، لم يعد تصنيع السيارات حكرًا على الدول الكبرى، إذ أظهرت جنوب إفريقيا قدرتها على إنشاء صناعة سيارات محلية ناجحة. جاء ذلك من خلال جذب استثمارات أجنبية، تطوير سلاسل توريد فعالة، وتدريب كوادر محلية ماهرة، فأصبحت مركزًا إفريقيًا لتجميع وتصدير السيارات.

نجح هذا النموذج بفضل سياسات حكومية واضحة، منها تقديم حوافز ضريبية، إنشاء مناطق صناعية، وتسهيل الإجراءات الجمركية. ركزت الدولة أيضًا على تأهيل الموارد البشرية عبر مراكز تدريب متخصصة، وبناء شراكات ذكية مع شركات عالمية، بدأت بالتجميع ثم انتقلت تدريجيًا إلى التصنيع الكامل.

ADVERTISEMENT

أما في العالم العربي، فرغم توفر الموارد البشرية والمالية، والموقع الجغرافي المميز، فإن غياب استراتيجية صناعية واضحة، وضعف التنسيق، والاعتماد الكبير على الاستيراد، يقلل من احتمال قيام صناعة سيارات محلية تنافسية. حتى الآن، يفتقر العالم العربي إلى صناعة سيارات عربية متكاملة.

مع ذلك، تتوفر فرص جاهزة للاستثمار. أولها اعتماد نموذج التكامل الصناعي الإقليمي، بحيث تتخصص كل دولة عربية بجزء من التصنيع، ما يعزز جدوى وجود "صناعة سيارات عربية". ثانيًا، يُستغل الطاقة المتجددة لتقليل تكاليف الإنتاج، خاصة في تصنيع السيارات الكهربائية.

ADVERTISEMENT

كما يُبنى شراكات مع تجارب إفريقية ناجحة مثل المغرب وجنوب إفريقيا، لتبادل الخبرات والاستفادة من البنية التحتية اللوجستية. يُضاف إلى ذلك دعم الشركات الناشئة لتطوير سيارات خفيفة أو كهربائية تناسب حاجات السوق المحلي.

ورغم التحديات مثل ضعف البنية التحتية، قلة الإنفاق على البحث والتطوير، وهيمنة العلامات العالمية، فإن البدء يتطلب وضع استراتيجية عربية موحدة، إنشاء صناديق تمويل صناعي، تعزيز التعليم التقني، وإنشاء مناطق صناعية متخصصة تدعم تصنيع السيارات في الوطن العربي.

الفرصة لا تزال قائمة أمام العرب لتأسيس صناعة سيارات حقيقية، بشرط توفر الإرادة السياسية والتخطيط والالتزام، وهو ما أثبتته تجربة جنوب إفريقيا التي تُعد مرجعًا ملهمًا لصناعة سيارات عربية المستقبل.

toTop