إذا غيرت الطريقة التي تنظر بها إلى الأشياء، فإن الأشياء التي تنظر إليها تتغير: هذه هي الطريقة التي تعمل بها وجهة نظرنا بالضبط

ADVERTISEMENT

في بعض اللحظات، نرى العالم وكأننا غائبون عنه. حين ننزع «أنا» من نظرتنا، نلاحظ خفة ووضوحاً، وتتحول الأحداث من «أشياء تُصيبنا» إلى مجرد مشاهد. هذا التحول في الإدراك يخفف ثقل الحياة ويمنحنا فهماً أعمق للواقع. بدلاً من ربط كل ما نراه بذواتنا، نتلقى اللحظة كما هي، دون تشويهها بسياقاتنا الشخصية.

حياتنا تبدو أحياناً أهم من كل شيء، لكنها في الحقيقة خيط رفيع في نسيج أكبر. حين ندرك ذلك، نرى الجمال والمعنى في اللحظات العابرة. يكفي أن نبدّل عدسة الملاحظة، فننظر إلى الواقع كأنه لا يعنينا شخصياً. يقول الدكتور واين داير: «إذا غيّرت الطريقة التي تنظر بها إلى الأشياء، فإن الأشياء التي تنظر إليها تتغيّر»، وهو ما يوضح عمق تأثير الإدراك وتحرير الوعي من التحيّز.

ADVERTISEMENT

مثال بسيط: تخيّل اللون الأحمر. حين تغرق في التفكير به، يتغيّر وعيك، فترى كل ما هو أحمر حولك. يُظهر هذا كيف تُشكّل أفكارك ما تلاحظه، وكيف ترتبط رؤيتك للعالم بمعتقداتك الداخلية. هذه النماذج الذهنية تُحدد علاقتك بالواقع، وغالباً دون أن تنتبه أو تسائلها.

أثناء قراءة كتاب «غيّر أفكارك، غيّر حياتك»، تخلّى الكاتب عن أحكامه المسبقة وقرأ كأنه يصدّق تماماً، فرأى عيوباً في تفكيره، وأدرك أنه كان يدافع عن أفكاره لا عن الحقيقة. دفعه هذا الفهم الجديد إلى تحدي أفكاره، والبحث عن الأوضح والأفضل، فوصل إلى وعي أعمق وواقعية أقل تحيّزاً.

ADVERTISEMENT

قد يبدو هذا التحول مخيفاً في البداية، لكنه يعزز الثقة بالنفس عبر الإدراك والفهم. يعلّمنا أن نرى الآخرين بضوء جديد، بنزاهة واحترام لوجهات نظرهم، فنقلل من الأحكام ونزيد التعاطف والفهم المتبادل.

في النهاية، يكمن التغيير الحقيقي في إدراك «الفلتر» الشخصي الذي ترى به العالم. حين تتحكم به، تتعلم النمو من الداخل، وتفتح أبواب الوعي نحو رؤية أوسع وأكثر تحرراً.

toTop