كيف أخطأ نموذج شائع للذكاء الكوني

نموذج «الخطوات الصعبة» يقول إن ظهور الذكاء على كوكب الأرض بعد 4.5 مليار سنة نتج عن سلسلة تحولات تطورية نادرة وشاقة. وفق هذا الطرح، لا علاقة بين توقيت احتراق الحياة بفعل تزايد سخونة الشمس بعد نحو مليار سنة، وبين اللحظة التي ظهر فيها الذكاء. تزامن الحدثين - حسب النموذج - يعزز القول إن الذكاء شيء نادر جداً في الكون، لأن الخطوات المطلوبة للوصول إليه تحدث بصعوبة بالغة.

دراسة حديثة بقيادة دان ميلز وفريقه من جيولوجيي الحياة تُعيد فحص هذا الطرح. يقول الباحثون إن نموذج الخطوات الصعبة يغفل الارتباط الوثيق بين تطور الكائنات وتطور كوكب الأرض ذاته؛ البيئة والصخور والغلاف الحيوي يتغيرون معاً ضمن عملية تُسمى «التطور المشترك».

الفيزيائيون، مثل براندون كارتر صاحب النموذج، يبنون استنتاجاتهم عادةً على معادلات مجرّدة تُبسّط الواقع وتهمل تفاصيل الحياة المعقّدة التي تُظهرها السجلات الجيولوجية والبيولوجية. من هذا البُعد يتضح أن النموذج أخطأ بعزله العمليات الحيوية عن الفيزيائية. لم يكن ممكناً ظهور الإنسان قبل أن يصل تركيز الأكسجين في الجو إلى مستوى كافٍ، وهو ما تحقق قبل نصف مليار سنة فقط عندما وقع «الأكسدة الكبرى».

فكرة أن «توقيت الذكاء» رهينة صدفة تتعارض مع سلسلة طويلة من التفاعلات بين الأرض والحياة هيأت الظروف تدريجياً. المدة الطويلة السابقة على ظهور الذكاء لا تُعد دليلاً على ندرته، بل نتيجة متوقعة لتطور متزامن استغرق مليارات السنين ليبلغ لحظة مواتية. إعادة النظر في نموذج الخطوات الصعبة تُظهر أن وجودنا ليس معجزة نادرة، بل مرحلة متناسقة ضمن تاريخ طويل ومعقّد للأرض.