كرم الضيافة عند العرب إرث لا يندثر.

تُعدّ الضيافة عند العرب أمرًا عظيمًا يفوق أي شيء آخر، وإكرام الضيف صفة ملازمة لكل عربي، وهي أحد أركان عاداتهم وتقاليدهم التي يتوارثونها جيلًا بعد جيل. فالضيف له مكانة كبيرة في نفوس العرب، وهم لا يتهاونون ولا يقصرون في تقديم واجب الضيافة متى حلّ عليهم.

من دخل البيت فهو آمن

مما لا شك فيه أن كرم الضيافة طبع أصيل تميز به العرب عن غيرهم من الأمم، إذ للضيف حق الضيافة حتى لو كان عدوًا ما دام قد دخل بيت مضيفه، فمن دخل البيت فقد أمن على نفسه، وخاصة إذا تناول طعامًا أو شرابًا، فيصبح في مأمن ولو كان في بيت عدوه..

حقوق الضيف في الثقافة العربية

لحقوق الضيف عند نزوله بيت مضيفه أهمية كبيرة، ويجب الوفاء بها متى حلّ على أصحاب البيت، وتشمل:

١- الترحيب بالضيف.

٢- ربط راحلته وسقيها وتقديم العلف لها، وهذا ما كان متعارفًا عليه في الماضي.

٣- تقديم الفراش قبل الجلوس، ففي أغلب البيوت جزء مخصص ومفروش دائمًا للضيف.

٤- تقديم الماء، ثم الطعام للضيف.

٥- تقديم القهوة العربية في كثير من البلدان، مع التمر.

٦- توفير الراحة التامة له وإكرامه وتلبية جميع طلباته.

٧- قبول الاستجارة والدخالة، وحمايته من أي أذى ومن الذين يطلبونه، سواء طلب الحماية أم لم يطلبها.

وقد قالت العرب في ذلك: "الضيف إذا أقبل أمير، وإذا جلس أسير، وإذا قام شاعر". ومعنى ذلك أن الضيف يُعامل معاملة الأمراء عند قدومه، فإذا جلس أصبح كالأَسير الذي لا يستطيع الخروج أو الذهاب إلا بإذن أصحاب البيت. وإذا رحل، كان شاعراً؛ إما أن يمدح مضيفه إذا قدم له واجب الضيافة على أكمل وجه، وإما أن يهجوه إذا قصر في حقه.

كرم مخلوط برائحة القهوة

وقد اقترن الكرم بالقهوة، فأول ما يقدم للضيف عند مجيئه -وذلك في أغلب البلدان العربية- هي القهوة، ثم يقدم له الطعام بعدها مباشرة، حتى ولو كان في وقت متأخر من الليل. فإذا حضر الضيف في ساعات الليل المتأخرة، يقدم له الموجود في البيت، وهناك مقولة شهيرة عند العرب: "الجود من الموجود". وفي الوجبة التالية، يتم عمل وليمة للضيف، وذلك مهما كان حال المضيف، أو ما يسمى في بعض البلدان العربية "المُعَزِّب". ومهما بالغ المُعَزِّب في كرم الضيافة، فإنه يعتذر لضيفه عن التقصير، ويعتبر هذا الاعتذار من مكملات آداب الضيافة.

القهوة العربية:

كما ذكرنا سابقًا، تُعد القهوة العربية من أهم مظاهر الكرم عند العرب، وهي أول ما يُقدم للضيف عند وصوله إلى البيت بعد الماء.

فما هي القهوة العربية؟

هي القهوة المرة أو السادة. في البداية، كانت تُقدم دون إضافة أي شيء إليها، ولكن لاحقًا أُضيف الهيل والزعفران وبعض البهارات العطرية لتحسين مذاقها.

ومن تقاليد تقديم القهوة العربية:

1.  يجب تقديم فنجان القهوة باليد اليمنى.

2.  تُسكب كمية قليلة من القهوة في الفنجان.

3.  تُقدم القهوة للضيف مع الاحترام وعبارات الترحيب.

4.  لا يبتعد المضيف عن الضيف بعد تقديم القهوة، بل ينتظر حتى ينتهي من شربها، فربما يطلب فنجانًا آخر.

وكرم الضيافة عند العرب أمر معروف جدًا لدى جميع المجتمعات، ولا أحد يزور بلاد العرب إلا ويتحدث عن كرم ضيافتهم وحفاوة استقبالهم وكرم أخلاقهم.

أخيرًا وليس آخرًا، يمتلك العرب الكثير من الصفات الحميدة التي تميزهم عن غيرهم من الشعوب الأخرى.