ما الفائدة من تقديم الهدايا؟ عالِم الأنثروبولوجيا يشرح هذا الجزء العريق من كوننا بشراً

ADVERTISEMENT

تُعدّ الهدايا جزءاً لا يُفصل عن حياة الإنسان؛ تُعبّر عن الحب والكرم والشكر، وتُمارس في معظم المجتمعات. في كتابه «أشياء كثيرة جداً»، يدرس أحد علماء الأنثروبولوجيا كيف أثّر تقديم الهدايا في تطوّر الإنسان، ويسأل: لماذا يتخلى الإنسان عن أشياء ثمينة ليعطيها لغيره؟

تُظهر دراسات نفسية ودينية وفلسفية أن الإهداء ليس مجرد عادة، بل وسيلة تُظهر الأخلاق وتُعمّق العلاقات. يرى عالم الأنثروبولوجيا الفرنسي مارسيل موس أن الإهداء يمر بثلاث خطوات مترابطة: إعطاء الهدية، قبولها، والرد عليها. الإعطاء يُظهر كرم المانح، القبول يُظهر امتنان المتلقي، والرد يُبقي التبادل مستمراً فتبقى العلاقات حية وتنمو الالتزامات المتبادلة.

ADVERTISEMENT

ركّز موس على طقس «البوتلاتش» لدى قبائل الساحل الشمالي الغربي لأمريكا الشمالية، حيث يُقيم المضيفون احتفالاً يُعطون فيه ممتلكاتهم، يتبارون في الكرم ويُكرّمون بعضهم. هنا، الهدية ليست سلعة فقط، بل وسيلة تربط الناس وتُعزّز الاحترام المتبادل.

في العصر الحالي، تحوّل تقديم الهدايا في كثير من الحالات إلى عملية شراء فقط؛ ينفق الناس مبالغ كبيرة على هدايا قد لا ترغب فيها أطرافهم، فتُخزن أو تُرمى. تشير تقارير إلى أن الأمريكيين ينفقون نحو 975 دولاراً للفرد في موسم الأعياد، بينما تبلغ قيمة الهدايا غير المرغوب فيها مليارات الدولارات كل عام.

ADVERTISEMENT

رغم هذا التحوّل، تبقى فكرة موس حيّة. الهدايا الرمزية أو المصنوعة يدوياً أو المُخصصة، مثل تجربة مشتركة أو سلعة أُعيد تدويرها، تُشكّل رباطاً اجتماعياً أعمق. الهدايا التي تحمل معنى شخصياً تُظهر احتراماً وتقديراً أكبر، وتُعزّز العلاقات الإنسانية بعيداً عن الشراء من أجل الشراء فقط.

toTop