ربما كانت الطبقات الطينية السميكة على المريخ مكانًا مستقرًا للحياة القديمة

ADVERTISEMENT

يُعد كوكب المريخ اليوم صحراء باردة وجافة، بغلاف جوي رقيق لا يحتوي على ماء سائل على سطحه. لكن الأدلة الجيولوجية تُظهر أن المريخ القديم كان أكثر دفئًا ورطوبة، وكان فيه أنهار وبحيرات، وربما بحار ضحلة. وجود طبقات سميكة من الطين يُعد من أبرز المؤشرات على أن الكوكب كان صالحًا للسكن قديمًا، إذ لا تتشكل هذه الرواسب إلا بوجود الماء، ما يدل على تفاعل طويل بين الماء والصخور، وهي ظروف ربما ساعدت على ظهور الحياة الميكروبية.

كشفت دراسة حديثة نُشرت في مجلة Nature Astronomy، أجراها باحثون من جامعة تكساس في أوستن، أن الطين المريخي يتركز في مناطق منخفضة مستقرة قرب بحيرات قديمة، بعيدًا عن الأودية الفوضوية ذات التدفق القوي. هذا التوزيع الجغرافي يشير إلى بيئة هادئة ساعدت على ترسيب الطين عبر عمليات التجوية الكيميائية، حيث يتفكك الصخر ببطء في وجود الماء. تُشبه هذه العملية الظروف في المناطق الاستوائية الرطبة على الأرض، ما يعزز الفرضية بأن المريخ احتضن في الماضي بيئات مناسبة لنشوء الحياة.

ADVERTISEMENT

كما تقدم طبقات الطين رؤى مهمة حول تاريخ مناخ المريخ ودوراته الكيميائية. فعلى عكس الأرض، التي تعتمد على تفاعلات الكربونات لتنظيم المناخ، يبدو أن المريخ افتقر لهذه العملية، ما يُفسر فقدانه لغلافه الجوي ومياهه السطحية مع مرور الزمن. الباحثون يعتقدون أن تكوين الطين أدى إلى حبس العناصر التي تمنع تشكيل الكربونات، مما جعل مناخ الكوكب غير مستقر. ومع غياب النشاط التكتوني، لم يعد هناك تجدد للصخور ولا إعادة تدوير لثاني أكسيد الكربون، ما ساهم في تحول الكوكب إلى حالته القاحلة الحالية.

في ضوء هذه النتائج، بات يُنظر إلى الطين المريخي كمفتاح لفهم قابلية الكوكب للحياة. إذ تُشكّل طبقاته السميكة "كبسولات زمنية" تحتوي على دلائل عضوية توثق وجود حياة سابقة. مركبة ناسا “بيرسيفيرانس” تستكشف حاليًا فوهة جيزيرو الغنية بالطين، ومن المتوقع أن تركز المهام المستقبلية على مناطق مشابهة. يمثّل هذا الطين هدفًا أساسيًا في البحث عن الحياة على المريخ، وربما الإجابة على سؤال جوهري في علم الفضاء: هل كنا وحدنا حقًا؟

toTop