كيف تحافظ المجتمعات العربية على لغتها وتراثها؟

ADVERTISEMENT

ترتبط اللغة بالهوية والثقافة بشكل كبير جدا، يمكنك إدراك هذا بشكل أكبر عند الاختلاط بثقافات ومجتمعات أخرى غريبة. كلمات نيلسون مانديلا الشهيرة يمكنها أن تجعلك تفهم بشكل أفضل حيث قال أن "الكلام مع شخص بلغة يفهمها يذهب إلي عقله أما الكلام مع الشخص بلغته الأم يذهب إلى قلبه".

قد تتقن العديد من اللغات ولكن عند فرحك أو حزنك ينطلق لسانك بكلمات من لغتك الأم وعندها فقط يمكنك أن تشعر بعمق مشاعرك. لا يقتصر الأمر على ذلك فبنية الهوية الوطنية يتمثل في ذلك التراث المسجل بلغتها الأم الذي يتمكن وحده من ربط ماضي الشعوب بمستقبلها.

يمكنك اعتبار اللغة الميزان الذي يقيس الهوية وقدرتها على الثبات في وجه المتغيرات والتطور عبر الزمن. مع 7000 لغة حول العالم يمكن أن تكون لغتك هي سفيرك وسط الأمم والمؤرخ الذي يسجل تاريخك وكذلك الدلالة الحية على تطور مجتمعك وثقافتك.

ADVERTISEMENT

لكل تلك الاسباب وجب الحفاظ على اللغة كجزء لا يتجزأ من الهوية والثقافة. حيث أن هناك 22 دولة تتحدث اللغة العربية فإن لكلا منها جهود حثيثة للمحافظة على اللغة والتراث سنقوم بعرضها. بعض تلك الجهود فردية وبعضها جهود جماعية تشترك فيها الدول الصديقة سويا.

تضم منطقة الشرق الأوسط 12 دولة تتحدث العربية وهي المملكة العربية السعودية والإمارات والكويت وقطر والبحرين وعمان والعراق واليمن وسوريا ولبنان والأردن وفلسطين. أما في قارة أفريقيا فيوجد 10 دول تتحدث العربية وهي مصر والسودان وليبيا والجزائر والمغرب وموريتانيا وتونس وجيبوتي والصومال وجزر القمر. كما أن بعض المجتمعات في دول تشاد وإريتريا وإثيوبيا ومالي يتحدثون العربية كلغة ثانية.

1- توظيف اللغة العربية في معظم المجالات:

يعد توظيف اللغة العربية في معظم المجالات أحد الطرق التي تحافظ بها الدول العربية على لغتها وتراثها. نعني بذلك توظيف اللغة العربية في مجالات مثل التعليم والبحث العلمي والإعلام والحياة اليومية بكل أشكالها. تعزز تلك المجالات مهارات اللغة العربية والتعبير عنها من خلال الإبداع بكل أشكاله.

ADVERTISEMENT
صورة Beytullah ÇİTLİK من Unsplash

2- اللغة والتراث:

توثيق التراث الشعبي يأتي على قمة القائمة ليس الأمر فقط هو الاحتفاء باللغة اليوم ولكن التأكد من أن أجيال المستقبل ستتمكن من التعرف على التراث والحضارة بشكلها الحالي والشعور بالانتماء للجذور والامتداد للأجيال السابقة. لذا عملية توثيق التراث أمر لا غنى عنه.

لا يتوقف الأمر علي التوثيق وإنما إعادة إحياء التراث أيضا. يتم ذلك من خلال الفعاليات المحلية والإقليمية والدولية التي يتم من خلالها تقديم عروض فنية وفعاليات ثقافية تعيد إحياء التراث وتعرف الأجيال الحالية من العرب وكذلك الأجانب على الهوية الثقافية العربية. من الجميل حضور بعض تلك الفعاليات التي لا تقدم شكل واحد وإنما أشكال متعددة من الفنون العربية التراثية القيمة.

مهرجان قرطاج الدولي في تونس الذي يقدم فيه عروض موسيقية وغنائية ومهرجان الموسيقى العربية في مصر الذي يضم عروض الموسيقى والغناء والندوات الثقافية. أيضا مهرجان جرش في الأردن الذي يقدم عروض فنية وثقافية ومسرحية يعتبرون أحد أشكال إحياء التراث العربي وتعريف العالم على ثقافات تلك الدول من خلال العديد من الفعاليات الفنية والثقافية الغنية. تلك فقط بعض الأمثلة حيث تتنافس كل الدول العربية في تقديم أفضل الفعاليات الثقافية والفنية التي توثق التراث وتعيد إحياؤه وتنشر الوعي بأهميته في أبهي صورة للعالم.

ADVERTISEMENT

3- دعم الفنون والآداب:

يلعب دعم الفنون والآداب في الدول العربية دور البطولة في توثيق التراث وإعادة إحيائه ودون دعم الدول يصعب تحقيق ذلك. علي سبيل دعم الكتابة ونشر المؤلفات العربية وتقديم الجوائز للأعمال الأدبية المميزة يشجع على إحياء اللغة العربية والحفاظ على التراث وتوثيقه. كذلك الحفاظ على الفنون التراثية بكل أشكالها مثل الموسيقى والغناء والمشغولات اليدوية والأعمال الأدبية والشعر وغيرهم هو أحد أشكال الدعم لتوثيق التراث.

صورة JSB Co. من Unsplash

4- التعاون بين الدول العربية للحفاظ علي الهوية الثقافية واللغة:

الجهود التي تقوم بها كل دولة على حدى هي جهود رائعة و تؤتي بثمار تستحق الثناء لكن الجهود المشتركة بين الدول العربية لها صدى أكبر وأقوى سواء في توثيق التراث أو الحفاظ على اللغة وأصولها. من خلال تبادل الخبرات يمكن دائما التوصل لأفضل الطرق للحفاظ على الهوية والتراث.

ADVERTISEMENT

الاشتراك في المهرجانات والفعاليات الثقافية أيضا له صدى رائع سواء على المستوى الأقليمي أو الدولي كما أنه أحد الأشكال الحية لتوثيق التراث وإعادة إحيائه لأجيال عديدة قادمة. كما تفخر العديد من الدول العربية بدعمها للمبادرات التي تقوم بالحفاظ على اللغة والتراث العربي بإستخدام وسائل جديدة، مبتكرة وغير تقليدية.

5- الوقوف في وجه التحديات والتأثيرات الأجنبية:

التبادل بين الثقافات أمر محبب ويثري المعرفة والعلوم ولكن عندما تطغي ثقافة علي أخري و تهدد بضياع هويتها يصبح الأمر تحديا يجب محاربته. بعض التأثيرات تهدد الثقافة العربية وقد تتسبب في حرمان أجيال المستقبل من التعرف على هويتهم وثقافتهم العربية الأصيلة.

حيث أن التقنيات الحديثة أصبحت سلاح يمكن استغلاله لتوثيق أو محو ثقافات فإن الحل الأمثل هو استغلاله بشكل جيد لتوثيق الثقافة العربية والهوية من خلال توثيق الثقافة واللغة بشكل يمكن الأجيال المستقبلية من الاستمتاع بتلك الأشكال من الأبداع.

ADVERTISEMENT

علي سبيل المثال رأينا معارض الهوية البصرية والسمعية وكذلك المتاحف الافتراضية وحفلات الهولوجرام لفنانين الماضى والتوثيق الرقمي للمعالم الأثرية من خلال التصوير ثلاثي الأبعاد وأنظمة المعلومات الجغرافية. من خلال هذه المبادرات وغيرها يمكننا حفظ التراث بشكل حديث يجذب أجيال المستقبل ومواجهة التأثيرات الأجنبية.

نذكر من تلك المشاريع "ذاكرة مصر" الذي قام بتوثيق المخطوطات والوثائق التاريخية الهامة للباحثين. كذلك "كنوز الأردن" وهو تطبيق يمكنك من خلاله رؤية المواقع الأثرية و التجول الافتراضي بداخل بعضها من أي مكان في العالم.

صورة Karl_Oss_Von_Eeja من Pixabay

أكثر المقالات

toTop