مصطفى العقاد وإرث السينما السورية: رحلة عبر التراث والصناعة والتأثير العالمي

ADVERTISEMENT

السينما ليست وسيلة لسرد القصص فقط، بل هي مرآة للهوية الثقافية ولذاكرة الناس المشتركة. تحتل سوريا مكانة بارزة في تاريخ الفن العربي والسينما، بفضل إرثها الحضاري والثقافي الثري. بدأت صناعة السينما فيها تتطور خطوة بخطوة منذ الأربعينيات، ووصلت إلى أوج ازدهارها في السبعينيات.

اكتسبت السينما السورية طابعاً خاصاً يعبر عن الهوية والانتماء، بدعم من الدولة تمثل في تأسيس المؤسسة العامة للسينما عام 1963، لتشجيع أفلام تعكس الواقع وتتناول قضايا المجتمع والسياسة. رغم الصعوبات، ظهر إنتاج سوري لافت لفت أنظار العالم العربي والعالمي، ونال جوائز في مهرجانات دولية مثل قرطاج ولوكارنو.

ADVERTISEMENT

في طليعة الأسماء البارزة يبرز المخرج مصطفى العقاد، المولود في حلب عام 1930. نقل حبه للسينما إلى الولايات المتحدة، فدرس في جامعة UCLA وجامعة USC. جمع بين أصوله الإسلامية ونظرته الغربية، فصبح حلقة وصل ثقافية من خلال أفلامه، مثل "الرسالة" و"أسد الصحراء".

فيلم "الرسالة" (1976) إنتاج ضخم كلف 17 مليون دولار، يروي بداية الإسلام من دون إظهار النبي محمد. أما "أسد الصحراء" (1981) فيروي مقاومة عمر المختار للاحتلال الإيطالي. منعتهما بعض الدول رغم تقديرهما العالمي. أنتج العقاد أيضاً ثمانية أجزاء من سلسلة "الهالوين" التي حققت أرباحاً كبيرة.

ADVERTISEMENT

أثر العقاد في السينما بتقديمه نموذجاً للسينما العربية ذات الجودة العالمية والفكر العميق. لهم عدداً من صناع الأفلام العرب، وبقي أثره واضحاً بعد مقتله في عمان عام 2005.

تواجه السينما السورية اليوم تحديات الحرب والشتات، لكن مخرجين مستقلين داخل البلاد وخارجها يواصلون العمل باستخدام المنصات الرقمية. تشير أرقام اليونسكو إلى أن 65 % من العاملين في القطاع الثقافي يعيشون خارج سوريا، ما يظهر دور المغتربين في استمرار الإنتاج الفني.

رغم التحولات، باتت السينما السورية حاضرة على الخريطة العالمية، وتستند إلى إرث ثقافي وإنساني دفعه مبدعون مثل مصطفى العقاد إلى آفاق تتجاوز الحدود الجغرافية والسياسية.

toTop