عندما يرنّ جرس المدرسة الأخير، يسود هدوء غريب. تمتلئ الشوارع بالضحك، وتُغلق الدفاتر، وتستمر الطفولة لبضع ساعات غير منظمة. يركز معرض ”بعد المدرسة“، أحدث معرض في أثر غاليري في العلا، على هذه اللحظة العابرة التي تصبح موضوعًا ومصدر إلهام، ورحلة جماعية عبر ذكريات الطفولة المشتركة في المملكة العربية السعودية.
يجمع المعرض، الذي أعدته رانيا ماجنيان، خمسة فنانين هم: عهد العمودي، بسمة فلمبان، محمد الفرج، رامي فاروق، وسارة أبو عبد الله، يستلهمون ساعات ما بعد المدرسة من شبابهم لاستكشاف الهوية والحنين والتغيير. والنتيجة هي تجربة غامرة ومشحونة عاطفياً تبدو في آن واحد شخصية للغاية ووطنية بعمق.
ينقسم معرض ”بعد المدرسة“ ــــــ الذي يستمر حتى نهاية عام 2025 ــــــ إلى ثلاثة ”مسارات“: الشارع، والحديقة، والمنزل، ويتتبع المساحات المادية والعاطفية التي شكلت فترة ما بعد الظهر لجيل كامل. ويُدعى الزوار للتنقل بين هذه المناطق كما لو كانت الذكريات نفسها: متنقلين بين الحركة والسكون، والفوضى والراحة، والذكريات وإعادة الاكتشاف.
قراءة مقترحة
تصف ماجنيان المعرض بأنه ”تأمل في الممارسات التي كنا نشعر بالحرية في القيام بها، وتلك التي كنا نشعر بالقيود عليها — عودة داخلية إلى لحظات السكون على الرغم من استهلاكنا بالانشغالات الخارجية“.
يبدو هذا التفكير مناسبًا بشكل خاص في بلد شهد تحولًا جذريًا خلال حياة جيل واحد. بالنسبة للعديد من السعوديين، حلت البنية التحتية الحديثة ووسائل الترفيه الرقمية محل أماكن الطفولة — الأزقة والساحات والكورنيشات الساحلية. ومع ذلك، كما يذكرنا المعرض، للذاكرة هندستها الخاصة.
يصور قسم الشارع الروح المتمردة والحرية التي يتمتع بها اللعب دون رقابة.
في سلسلة الصور الفوتوغرافية ”بطانية رقم 36“ للفنانة سارة أبو عبد الله، يتجمع الأطفال حول برميل في قريتها سنابس، وتشرق وجوههم بشرور الاكتشاف. إنها مشهد يضج بطاقة الفضول، حيث كان العالم نفسه في يوم من الأيام ملعباً.
بالقرب من هناك، تصور ”بطانية رقم 57“ صبيًا صغيرًا ورجلًا أكبر سنًا يقفان على حافة البحر الأحمر على كورنيش جدة — صورة بسيطة لكنها عميقة للتواصل بين الأجيال والدروس غير المعلنة التي تنتقل من جيل إلى آخر.
على الجانب الآخر من الغرفة، تحول لوحة رامي فاروق الكبيرة الحجم لكتابات الجرافيتي في شوارع جدة — رجل يرتدي الزي التقليدي بجانب عبارة ”أحبك في الله“ — جدار مدرسة عادي إلى بيان عاطفي وانتماء.
يذكر الكتالوج أن ”جدران المدرسة المبنية من الطوب أصبحت مساحةً للتعبير عن الذات — التمرد، والتقوى، والإنسانية الكاملة“.
تجسد هذه الأعمال مجتمعة الشارع كفصل دراسي حي: حيث يتم تجاوز القواعد، وابتكار الألعاب، واختبار الهويات على الأسفلت.
نشاطات ما بعد المدرسة
يتغير المزاج في قسم الحديقة، حيث تفسح حيوية اللعب في الهواء الطلق المجال لحزن هادئ.
تقارن سلسلة الصور الفوتوغرافية لمحمد الفرج ”الجلسة الأخيرة“ صورًا لأطفال في منتصف اللعب مع ملاعب فارغة مغمورة بأشعة الشمس. بعض الإطارات مليئة بالضحك؛ والبعض الآخر يظهر الغياب — أراجيح معلقة بلا حراك، وملاعب مغطاة بالأعشاب.
يشرح الفرج أن العمل ”يجسد غياب اللعب في الهواء الطلق كجزء من ثقافتنا الحالية“.
إنها مرثية حنونة لطقس آخذ في الاختفاء: الطاقة الجماعية للأطفال الذين يجتمعون بعد المدرسة، قبل أن تحل الشاشات محل الملاعب الرملية وتحل الأنشطة المنظمة محل اللعب العفوي.
ومع ذلك، فإن العمل ليس مجرد عمل حنيني. إنه أيضًا عمل مفعم بالأمل — دعوة بصرية لاستعادة تلك المساحات المفقودة، وللتذكير بأن أفضل تعلم غالبًا ما يحدث بين الجرس والجرس.
اللعب والرياضة
القسم الأخير، المنزل، يبدو حميميًا وأبطأ وأكثر نعومة — مثل الزفير بعد يوم دراسي طويل.
هنا، بعد المدرسة يصبح بعد الضجيج: الطقوس الهادئة للاستماع إلى الموسيقى، وتصفح ألبومات العائلة، والاسترخاء في أمان المألوف.
تدمج تركيبات عهد العمودي الفنية، الثقافةَ الشعبيةَ مع الذاكرة، وتحول قطعة من حنين التسعينيات إلى تأمل في الميراث العاطفي.
وتساهم بسمة فلمبان، المعروفة بتركيباتها النصية، بعمل فني مختلط يستكشف البعد الروحي لفضول الطفولة — تلك اللحظات التي تبدأ فيها الأسئلة حول الهوية واللغة والإيمان بالظهور لأول مرة في المنزل.
وتقوم سارة أبو عبد الله بدمج المنسوجات المنزلية في استكشافها للرعاية والأمان. وتستحضر أعمالها على القماش دفء الحياة الأسرية — حيث تُروى القصص، وتتشكل الأحلام، ويبقى العالم الخارجي بعيدًا.
لا يقتصر معرض ”بعد المدرسة“ على النظر إلى الماضي فحسب، بل يتناول فعل التذكر في الحاضر.
أدى التحول السريع الذي شهدته المملكة العربية السعودية على مدى العقدين الماضيين إلى ظهور جيل يتفاوض بين ما كان وما هو آخذ في الظهور. يدعو المعرض الجمهور إلى التفكير في كيفية استمرار تأثير تجارب الطفولة — الشوارع المغبرة والألعاب المرتجلة وصلاة المساء وموسيقى الكاسيت — على هويتهم اليوم.
هناك أيضًا تعليق خفي على التكنولوجيا والطفولة الحديثة. مع استبدال الترفيه الرقمي باللعب في الهواء الطلق والتواصل المباشر، يصبح المعرض نقدًا هادئًا، يحث على التوازن بين الابتكار والذاكرة، بين التقدم والتوقف.
دعوة للعودة إلى الألعاب القديمة، بدون الشاشات
بالنسبة للجمهور السعودي، يلامس معرض ”بعد المدرسة“ وترًا شخصيًا بشكل خاص. فصوره وأصواته تستحضر طقوس الطفولة المألوفة — صوت الحصى تحت إطارات الدراجات، ورائحة الإسفلت بعد المطر، وأزيز مذياع العائلة. بالنسبة للزوار الدوليين، يقدم المعرض نظرة نادرة وأصيلة على الحياة اليومية في السعودية: ليس من خلال المعالم الأثرية أو الغريبة، بل من خلال السحر العادي للنمو.
وبذلك، يوسع المعرض تعريف الفن السعودي. فهو يحول التركيز من المعالم الأثرية والمشاريع الضخمة إلى الذكريات والعواطف، مؤكدًا أن الهوية الوطنية يمكن أن تُروى من خلال قصص إنسانية رقيقة.
عندما يخرج الزوار من معرض ”بعد المدرسة“، يبدو ضوء الصحراء أكثر حدة، والهواء أكثر كثافة. هذا هو النجاح الهادئ للمعرض: إنه يوقظ الحواس التي خمدت مع بلوغ سن الرشد. إنه يطلب منا أن نتذكر ليس فقط من أين أتينا، ولكن كيف شعرنا في الماضي — بالفضول، والهدوء، والحرية.
من خلال إعادة زيارة الأمسيات العادية التي شكلت حياة غير عادية، يحول معرض ”بعد المدرسة“ الحنين إلى الفن، والذاكرة إلى حركة. ويتركنا مع سؤال أخير: كيف كانت حياتك بعد المدرسة، وماذا فعلت بها منذ ذلك الحين؟
حقائق مذهلة عن خرطوم الفيل!
هاريسا (هاريسا)، الطبق الوطني لأرمينيا: الوصفة، الأصناف، والتقاليد
أينشتاين يفوز مرة أخرى! الكواركات تخضع لقوانين النسبية، كما وجد أكبر جهاز على وجه الأرض (LHC)
سيراليون: جواهر الطبيعة والتاريخ على ساحل المحيط الأطلسي
هل تحتاج الحياة حقاً إلى كواكب؟ ربما لا
أفضل ثلاثة مواقع لعلم الفلك على كوكب الأرض
قد يكون التنظيم والنشاط مؤشرًا على طول العمر
كيف يساهم حديث الكبار في تعزيز قلق أطفالنا بشأن المناخ؟
أكبر هيكل تم العثور عليه على الإطلاق في الكون يبلغ طوله 1.4 مليار سنة ضوئية
٧ أشياء لا يخبرك بها أحد عن تثبيت نظامي لينكس وويندوز معًا










