شبه جزيرة سيناء ... تاريخ وسياحة

شبه جزيرة سيناء تقع بين قارتي آسيا وإفريقيا، وتُعد من أقدم المناطق التي تحمل طابعًا تاريخيًا وحضاريًا في العالم. موقعها بين خليجي السويس والعقبة وقناة السويس جعلها نقطة التقاء حضارات قديمة، وطريقًا للتجارة والحج، فنالت مكانة دينية واقتصادية عبر العصور.

استوى الإنسان في سيناء قبل أكثر من 12,000 عام، وعُثر على رسوم وأدوات فرعونية، كما استغل المصريون القدماء مناجم النحاس والفيروز، وبنوا تحصينات لصد الغزاة عن الحدود الشرقية.

دينيًا، ارتبطت سيناء بنبي الله موسى عليه السلام وجبل الطور، حيث تسلم الوصايا العشر، فأصبحت مكانًا مقدسًا في الديانات السماوية. شيّد دير سانت كاترين في القرن السادس الميلادي عند سفح الجبل، فصار موقعًا روحيًا بارزًا وأثرية ثمينة. كانت أيضًا طريق حج ومعبر تاريخي في الفتح الإسلامي، وازدهرت التجارة فيها.

في العهد العثماني بقيت سيناء ضمن الإمبراطورية، رغم قلة سكانها. تحولت لاحقًا إلى ساحة صراع استعماري، خاصة أثناء الحملة الفرنسية، وبقيت ذات أهمية حتى حرب أكتوبر، حين استعادت مصر سيادتها بموجب معاهدة السلام عام 1979.

اليوم، تعتمد سيناء على السياحة كأحد أهم مصادر دخلها، وتضم وجهات مثل شرم الشيخ، دهب، ونويبع، التي تُعد من أفضل مواقع الغوص عالميًا. يجذب جبل موسى وجبل كاترين هواة المغامرة، بينما تعكس عيون موسى ووادي فيران القيمة الدينية والتاريخية.

من المعالم البارزة الأخرى محمية طابا بمناظرها الطبيعية، وقلعة نجيب محفوظ، وبرج سليمان، التي تكشف الإرث العسكري والتاريخي للمنطقة. تعمل الحكومة على تطوير البنية التحتية لتعزيز السياحة والزراعة والاستثمار في سيناء.

سيناء قلب الإرث المصري، تجمع الروحانية بالتاريخ والطبيعة. هي جوهرة بين الجبال والبحار، تبقى جسرًا يربط الشرق بالغرب، وكل زيارة لها تترك ذكرى لا تُمحى.